« لو كان الاستدلال تاماً وكان الأذان الثالث أمراً مسنوناً لم يطلق عليه لفظ البدعة ، لا على سبيل الإنكار ولا على سبيل غير الإنكار ، فإن الأمر المسنون لا يجوز أن يطلق عليه لفظ البدعة بأي معنى كان » (١).
وتلخصّ أن لا توجيه لما أحدث عثمان ، لا عن طريق هذا الحديث ـ على فرض صحته ـ ولا عن طريق آخر من الطرق المذكورة.
واستند الأصوليون إلى هذا الحديث في كتبهم ، ولكن مع اختلاف شديد بين كلماتهم :
١ ـ فمنهم من استدل به للقول بحجية سنة الصحابة ، كالشاطبي ، حيث قال :
« سنة الصحابة سنة يعمل عليها ويرجع إليها ، والدليل على ذلك أمور :
أحدها ...
والثاني : ما جاء في الحديث من الأمر باتباعهم ، وأن سننهم في طلب الاتباع كسنة النبي صلى اله عليه [وآله] وسلّم كقوله : فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ » (٢).
٢ ـ ومنهم من جعله دليلاً على حجية رأي كل واحد من خلفائه الراشدين من غير حصر في الأربعة ، كصاحب « سبل السلام » كما عرفت من عبارته ، وكالمراغي وغيره كما ستعلم من عبارة شارح المنهاج.
٣ ـ ومنهم من جعله حجة على قول كل واحد من الخلفاء الأربعة ، ومن هنا جعلوا من السنة حرمة المتعتين لتحريم عمر ، ووجوب الأذان الزائد يوم الجمعة لزيادة عثمان إياه.
__________________
(١) تحفة الأحوذي ٣ / ٥٠.
(٢) الموافقات ٤ / ٧٦.