٢ ـ لقد عطف صلىاللهعليهوآلهوسلم « سنة الخلفاء » على « سنته » وظاهر العطف هو المغايرة بين السنتين ، فما معنى هذه المغايرة؟! وكيف يأمر صلىاللهعليهوآلهوسلم اتباع سنتهم المغايرة لسنته؟!
٣ ـ أمره باتباع سنتهم مطلق غير مقيّد كما هو الحال في وجوب اتباع سنته ، وهكذا أمر يقتضي عصمة المتبوع بلا ريب ، اما النبي فمعصوم بالإجماع ، وأما الخلفاء فليس كلّهم بمعصوم بالإجماع ، فكيف يؤمر ـ أمراً مطلقاً ـ باتباع المعصوم وغير المعصوم معاً؟!
هذه مشاكل حار القوم في حلها .. واضطربوا اضطراباً شديداً تجاهها ...
قال الشوكاني : « إن أهل العلم قد أطالوا الكلام في هذا وأخذوا في تأويله بوجوه أكثرها متعسفة » (١).
المشكلة الأولى :
أما الأولى فلا مانع من حلّها بتفسير « السنة » هنا أيضاً بـ « الطريقة » كما ذكر الشرّاح كصاحب « سبل السلام » والقاري والمباركفوري ...
وهذا هو الذي اختاره الشوكاني حيث قال :
« الذي ينبغي التعويل عليه والمصير إليه هو العمل بما يدلّ عليه هذا التركيب بحسب ما تقتضيه لغة العرب ، فالسنة هي الطريقة ، فكأنه قال : الزموا طريقتي وطريقة الخلفاء الراشدين ، وقد كانت طريقتهم هي نفس طريقته ، فإنهم أشدّ الناس حرصاً عليها وعملاً بها في كل شيء وعلى كل حال ، كانوا يتوقون مخالفته في أصغر الأمور فضلاً عن أكبرها » (٢).
__________________
(١) إرشاد الفحول.
(٢) إرشاد الفحول.