ثم ساروا إلى نزوى ، ووصلوا إلى مسجد المخاض من فرق ، فضربوا هنالك معسكرهم (١) وأقاموا محاصرين نزوى ، وأفسدوا الزرع ، وأحرقوا سكاكر كثيرة من الحيلي والخضراء (٢) ، وأحرقوا مقامات من فرق ، وعاثوا في البلاد. ثم خرج أهل نزوى ومن معهم [م ٣٨٧] من عساكر يعرب ، فوقع بينهم الحرب ، ثم رجع كل فريق منهم إلى مكانه وقتل من قتل من الفريقين ، فكان الحرب والقتل بينهم كل يوم إلى (٣) ما شاء الله. واشتد على أهل نزوى البلاء (٤).
ثم وقعت بينهم وقعة عظيمة لم يسمع بمثلها إلا ما شاء الله ، وكادت تكون الهزيمة على قوم مالك ، إلا أنهم لم يجدوا سبيلا للهزيمة والهرب ، إذ قد أحاطت بهم الرجال كحلقة الخاتم بعدما انهزم منهم خلق كثير وبقي من بقي ، فظنوا أن لا ملجأ من القتل فعزموا عزما قويا ، وجدوا في القتال. وأما أهل نزوى فظنوا أنهم غالبون ، فاشتغل أكثرهم بالنهب والسلب ، واتكل بعضهم على بعض ، فعطف عليهم القوم بعزم ثابت ، بجد واجتهاد ، فولوا منهمزين ، فكثر فيهم القتل والجراح ، واتبعهم (٥) القوم يقتلون ويسلبون ، إلى الموضع المعروف بجنّور الخوصة ؛ قريبا من جناة العقر فقتل كثير من أهل نزوى في ذلك اليوم ورجع قوم مالك إلى معسكرهم [م ٣٨٨] ولم يزل الحرب بينهم قائما كل يوم.
ثم إن مالكا خرج بكافة أصحابه ـ إلا قليلا تركهم في المعسكر ـ حتى وصل قريبا من جناة العقر ، فأراد أن يحاصرهم في بستان شويخ وليثقب
__________________
(١) في الأصل (بعسكرهم)
(٢) في الأصل (الخضرا)
(٣) في الأصل (إلا)
(٤) في الأصل (البلا)
(٥) في الأصل (واتبعهم)