وطوى الصحيفة ، وختمها بخاتمه ، وبعث بها عمرو بن العاص ، فقدم بها إلى عبد وجيفر وأول موضع نزل بعمان دستجرد (١) ، وهي مدينة بصحار بنتها العجم ، فترل بها وقت الظهر ، وبعث إلى ابني الجلندى ـ وهما ببادية عمان ـ وأهل رأيها فأول من لقيه عبد ـ وهو أحكم الرجلين وأحسنهما خلقا ـ فأوصل عمرو إلى أخيه جيفر.
ودفع [عمرو](٢) إلى جيفر الكتاب مختوما ، ففض ختامه وقرأه ، ثم دفعه إلى عبد فقرأه ثم التفت [م ٢٥٨] إلى عمرو فقال : «إن الذي يدعو إليه من جهة صاحبك أمر ليس بصغير ، وأنا أعيد فكري فيه وأعلمك».
ثم استحضر الأزد ، وبعث إلى كعب بن برشة العودي ، فسألوه عن أمر النبى صلى الله عليه وسلم ، فقال لهم إنه نبي ، وقد عرفت صفته ، وأنه سيظهر على العرب والعجم.
وأسلم كعب وعبد وجيفر ، وبعثوا إلى وجوه الناس ، فبايعوهما (٣) للنبي صلى الله عليه وسلم ، وأدخلوهم في دينه. وألزمهم تسليم الصدقة ، وأمّروا عمرو يقبضها ، فقبضها ، منهم على الجهة التي أمرهم بها ، عليه الصلاة والسلام.
ثم بعث جيفر إلى مهيرة ، والشحر ونواحيها ، فدعاهم إلى الإسلام فأسلموا ، وبعث إلى دبا وما يليها إلى آخر عمان ؛ فما ورد رسوله على أحد إلا أسلم وأجاب دعوته ، إلا الفرس الذين كانوا بعمان ، فحين أبوا عن الإسلام ، اجتمعت الأزد إلى جيفر وقالوا : «لا تجاورنا العجم بعد هذا اليوم». وأجمعوا على إخراج عامل الفرس مسكان ، ومن معه من الفرس. [م ٢٥٩]
__________________
(١) في الأصل (دمستجرد).
(٢) ما بين حاصرتين إضافة للتوضيح.
(٣) يعنى عبدا وجيفر.