ومما لا نعلم أنه فيه اختلاف ، أن الإمام المدافع تسعه التقية إذا خذلته الرعية ولم يكن معنا أصح من هذا الخذلان ، ولا أبين من تلك العداوة وذلك العصيان ، وما جعل الله [على عباده في الدين من حرج](١). بل الصحيح معنا أنه قد جعل لكل مدخل من دينه باب مخرج ، ولعل لعاجز عن فرض من فرائضه (٢) عذر وباب فرج ، ولا فرق بين الإمام والرعية ، وكل منهم جاز عليه حكم القضية.
فألقى بيده (٣) إلى منزله ، واستسلم رجاء أن يستر فيه ويسلم ، فوصل ، إليه رسول السلطان إلى مكانه يعطيه منه الميثاق بأمانه فبلغنا أنه أعطاه ذلك بلسانه ، ولم يبلغنا أنه عرضه بيمين ، ولا كان على باب السلطان من الوافدين ، ولا من القادمين عليه والواصلين ، وإنما السلطان الذي وصل إليه ، واضطره إلى ذلك وجبره عليه فزالت معنا بذلك [م ٣٠٧] إمامته ، وثبتت للعذر الواضح له ولايته.
ولا نعلم أن في الأحكام ، ولا ما اختلف فيه من أمر الإمام ؛ أن راشد بن الوليد ـ رحمه الله ـ يلحقه لقائل (٤) في إمامته مقال ، ولا طعن ولا غبر (٥) في حال من الحال فلبث بعد ذلك قليلا محمودا ، ومات عن قريب من ذلك مفقودا (٦).
__________________
(١) العبارة في الأصل بها اضطراب ، نصها (وما جعل الله لعباده من جرح)
(٢) في الأصل (فرايضه)
(٣) في الأصل (يده) ـ يعني الإمام
(٤) في الأصل (لقايل)
(٥) تغبر الشىء تلطخ بالغبار ، وأغبر الشىء علاه الغبار. والمقصود أن سيرة الإمام كانت صافية ، ناصعة لا يوجد ما يغبرها
(٦) سنة ٣٤٢ ه