[إلى](١) سنة إحدى وأربعين. ثم كتب إلى زبيد ، وسألها في ذمة له ، ولمن يلوذ به ويعود إلى وطنه ، ففعلت الحرة ذلك ، على كره من أهل دولتها ، ومن فقهاء عصرها (لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً)(٢).
أقام علي بن مهدي يشتغل [في] أملاكه ، عدة سنين ، وهي مطلقة من الخراج ، واجتمع له من ذلك مالا جزيلا ، وكان يقول في وعظه : «أيها الناس ، دنا الوقت وأزف الأمر ، وكأنكم بما أقول لكم ، وقد رأيتموه عيانا». فما هو إلا أن ماتت الحرة سنة خمس وأربعين ، حتى أصبح في الجبال في موضع يقال له الداشر من بلد خولان [٦٧] ، ثم ارتفع منه إلى حصن يقال له الشرف ، وهو لبطن من خولان ، يقال لهم بنو حيوان. بإسكان الياء ، وسماهم الأنصار ، وسمى من صعد من تهامة المهاجرين.
ثم ساء ظنه بكل أحد ممن هو في صحبته ، خوفا منهم على نفسه ، فأقام للأنصار رجلا من خولان يسمى سبأ بن يوسف (٣) ، وكناه بشيخ الإسلام ، وللمهاجرين رجلا (من العمرانيين) (٤) يسمى النوبي (٥). نعته أيضا بشيخ الإسلام. وجعلهما نقيبين على الطائفتين. فلا يخاطبه ، ولا يصل إليه سواهما. وربما احتجب فلا يرونه ، وهم يتصرفون في الغزو. فلم يزل يغادي الغارات ، ويراوحها على أهل تهامة ، حتى أخرب الحدود المصاقبة للجبال. والحبشة يومئذ تبعث (٦) بالأموال في المراكز. فلا يغنون شيئا لوجوه كثيرة منها : إن الموضع الذي هو حصن الشرف حصن منيع بنفسه ، وبكثرة خولان. ومنها أن الإنسان إذا أراد أن يصل إلى حصن الشرف مشى في واد ضيق بين جبلين مسافة يوم كامل أو
__________________
(١) زيادة من خ ؛ سلوك.
(٢) سورة ٨ ؛ آية : ٤٣.
(٣) في خ : محمد.
(٤) زيادة من خ.
(٥) في الأصل : غير معجمة ؛ وفي خ : الثومي ؛ وفي المختصر : (٣ / ٣٥ : التويتي).
(٦) في الأصل : تمنعش.