[قيام](١) دولة بني زياد بالدعوة العباسية
ولما وفد وجوه أهل اليمن على المأمون ، كان فيهم محمد بن زياد ، من ولد عبيد الله بن زياد بن أبي سفيان ، فاستعطف المأمون ، وضمن له حياطة اليمن من العلويين. فوصله وولاه على اليمن ، وقدمها سنة ثلاث ومئتين. وفتح تهامة اليمن ، وهو البلد الذي على ساحل البحر الغربي. واختط فيها مدينة زبيد ، ونزلها واختارها كرسيا لتلك المملكة. وولى على الجبال مولاه جعفرا. وفتح تهامة بعد حروب مع العرب. واشترط على عرب تهامة ألا يركبوا الخيل ، واستولى على اليمن أجمع ، ودخلت في طاعته أعمال حضرموت ، والشحر ، وديار كندة ، وصار في مرتبة التبابعة.
وكان في صنعاء قاعدة اليمن ، بنو يعفر من حمير ، بقية الملوك التبابعة استبدوا بها ، مقيمين للدعوة العباسية ، ولهم مع صنعاء ، بيحان ونجران (٢) ، وجرش. وكان آخرهم أسعد بن يعفر ، ثم أخوه محمد. فدخلوا في طاعة بني زياد. وكان في عثر من ممالك اليمن أيضا : سليمان بن طرف. فدخل في طاعته.
ثم هلك محمد بن زياد ، وولى بعده ابنه إبراهيم ثم ابنه زياد بن إبراهيم ثم أخوه أبو الجيش إسحاق بن إبراهيم ، وطالت مدته إلى أن اشتد ، وبلغ الثمانين. وقال عمارة : ملك ثمانين سنة باليمن ، وحضرموت ، والجزائر البحرية. ولما بلغه قتل المتوكل وخلع المستعين (٣) ، واستبداد الموالي على الخلفاء منع ارتفاع اليمن ، وركب بالمظلة ، شأن سلاطين العجم المستبدين [١٠٦].
وفي أيامه خرج في اليمن يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي بن
__________________
(١) زيادة لتوضيح العنوان.
(٢) في الأصل : تحراب.
(٣) انظر التعليق على الحاشية ١٠٦ (كاي).