إمكان ما ذهبنا إليه ما قاله صاحب العيون من أن «الداعي أبا القاسم استقر أمره بعد قتل هذا اللعين». [٥ / ٥٠ ؛ الصليحيون : ٤٧ ـ ٤٨].
حاشية (١٧) : أما عن الدعوة الفاطمية في اليمامة فإن هذه البلاد ظلت تدين بالطاعة للعباسيين حتى منتصف القرن الثالث الهجري حيث استولى عليها في أيام المستعين بالله العباسي محمد الأخيضر بن يوسف بن إبراهيم بن موسى الجون بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، واتخذ الحضرمة حاضرة له ، فأقام باليمن دولة علوية ، عرفت باسم دولة بني الأخيضر ، استقل بها عن الخلافة العباسية التي بدأت مظاهر الضعف والانحلال تظهر عليها منذ ذلك الوقت بسبب ازدياد نفوذ الأتراك واستئثارهم بالسلطة دون خلفائها. [ابن حزم : جمهرة أنساب العرب : ٤١].
لم يلق محمد الأخيضر عناء كبيرا في إقامة دولته باليمامة ، واستطاع أن يوطد نفوذه فيها ويجعل الحكم وراثيا في أبنائه من بعده. وكان له من الأولاد : محمد وإبراهيم وعبد الله ويوسف. ولما توفي خلفه يوسف الذي أشرك معه ابنه إسماعيل في إدارة شؤون اليمامة بعد وفاة أبيه. وقد أرسل منصور اليمن رسله إلى اليمامة لنشر المذهب الإسماعيلي ، [القلقشندي : صبح الأعشى : ١ / ١١٩ ـ ١٢٠] ، كما بعث دعاة آخرين لنفس هذا الغرض إلى بلاد البحرين والسند والهند ومصر والمغرب. [المقريزي : أتعاظ الحنفا : ٦٧].
وفي أوائل القرن الرابع الهجري تغلب القرامطة على اليمامة وبذلك زالت دولة بني الأخيضر. [العبر : ٤ / ٩٨ ـ ٩٩].
ولكن نفوذ القرامطة لم يعمر فيها طويلا بعد زوال دولتهم في بلاد البحرين. ولم يبذل خلفاء بني العباس أي محاولة لاستعادة سلطانهم ؛ فاستقل بإدارتها زعماء العرب المقيمين بها ، وعلى الأخص من قيس عيلان. [صبح الأعشي : ٥ / ٦٠ ؛ النفوذ الفاطمي : ٤٩ ـ ٥٠].