أنعم الله صباحك (١) مولانا ، وأدام عزه. ولا يزيدهم على الرد أكثر من قوله : مرحبا يا وجوه العرب. إلى أن تكاملوا ، وصعد إليه في المسجد أقوام لا أعرف منهم إلا أسعد بن شهاب (٢) بحكم ولايته علينا أهل زبيد.
فقلت لأسعد (٣) : من هؤلاء؟ فقال : أما هذا فالمكرم الملك السعيد أحمد بن علي الصليحي ، وأما هذا فالكرم اليامي (٤) ، وأما هذا فعامر الزواحي ، أكرم عربي تمشي به الخيل ، ثم عرضوا على رابع أن يطلع إليهم فلم يفعل ، وهو عم أسعد بن شهاب ، وعم السيدة أسماء بنت شهاب ، وليس دون الأربعة في شرف ولا حسب.
ثم قام المكرم فخطبهم بحيث يسمع ، وحفظت من كلامه قوله : «أيها المؤمنون إن عزائمكم لو تجسمت حديدا (٥) لكان قد أرهفته (٦) ، ولست اليوم أزيدكم غير ما سمعتموه مني بالأمس ، وفيما قبله ، وفيما قلته كفاية ، وقد كنت أعرض عليكم الرجوع وفي المسافة إمكان ، فأما اليوم فقد صار الخيار إلى عدوكم ، لأنكم توغلتم عليه خلسة (٧) وإنما هو الموت أو العار بفرار لا يجدي» (٨) ، ثم أنشد قول أبو الطيب المتنبي :
وأورد نفسي والمهند في يدي |
|
موارد لا يصدرن من لا يجادل |
وكان الحبشة يومئذ قد صفت في عشرين ألف رجل ، وكانت ميمنة العرب لأسعد بن شهاب (٩) (والميسرة) (١٠) لعمه ، وقال لهما المكرم : لستما
__________________
(١) يمكن أن تكون صباح مولانا.
(٢) لعله مالك بن شهاب لأن أسعد سبق أن ذكرنا أنه توفي سنة ٤٥٦ (نزهة : ١ / ١٤١).
(٣) عباس بن الكرم (كاي).
(٤) في الأصل : جديدا.
(٥) شحذته.
(٦) في الأصل : خيسة.
(٧) في الأصل : لا يجدو.
(٨) راجع : نزهة : ١ / ١٤١.
(٩) الزيادة من خ.