بخطها ، بما اقترحوه من أمان وأموال ، واشترط عليها أن ترحل هي وجميع الحشود ، ويصل إليهم من يرضونه واليا ، ويقيمون مع الوالي ، إلى أن تصل غنائمهم مأمنهم ، فوفت لهم بذلك. وولت التعكر مولاها فتح بن مفتاح. وحدثني السلطان ناصر بن منصور قال : حدثني عمك إبراهيم بن زيدان ، بعد نزوله من التعكر أن نصيبه من العين كان خمسة وعشرين ألفا (١). وكانت خولان قد دخلت منها إلى مخلاف جعفر ، قبل موت الملك المفضل ، ستة آلاف برمي الشعر (٢) ، وأكثرها بنو بحر ، وبنو ضنة ، ومران ، ورواح ، ورازح ، وشعب حي ، وبنو جماعة [٤٧] ، ففرقهم المفضل في الحصون ، واستحلفهم للملكة.
فلما مات المفضل وثب من مران ، رجل يقال له مسلم بن الزر (٣) ، على حصن خدد (٤) ، فأخرج منه السلطان عبد الله بن يعلى الصليحي ، الشاعر الأديب ، الفاضل الكامل ، وملكه. وكان عبد الله بن يعلى هذا كثير الأموال ، فانتقلت أمواله إلى مسلم (٥) بن الزر. فقويت شوكته ، واتصل بالحرة الملكة ، وبحواشيها ، ورجا أن تقيمه الحرة عوضا عن المفضل من أبي [٤٨] البركات (٦) ، وبعث إليها بولديه : عمران وسليمان ، فحسن موقعهما من قبله ، وأمرت بهما فعلما الخط على كبر. فلما كان بعد ذلك زوجت سليمان وعمران بعض ربائبها عندها ، وصارا يختلفان إلى أبيهما بخدد ، وخولان مستظهرة ، ولهم صولة وكلمة.
فلما مات مسلم ملك ولده سليمان حصن خدد ، وبقي عمران عندها ، ثم أن عمران حسنت حاله عندها. وكان فتح بن مفتاح بعد موت مسلم بن الزر خالف على الملكة مولاته بحصن التعكر ، واستبد به دونها ، فتلطف
__________________
(١) المقصود هو ٢٥ ألف دينار.
(٢) لم نتبين وجه الصواب في معنى (برمي الشعر) وترجمها (كاي) : نسمة.
(٣) صفة ٥٧ : يقول إنه من قبيلة خولان.
(٤) حصن من حصون مخلاف جعفر ، وهو في الجيش شمال التعكر (صفة ٧٨).
(٥) في الأصل : المسلم.
(٦) حاشية : ٤٨ (كاي) والتعليق عليها.