فسعى لأبى البركات ابنه فى القضاء وغيره من الوظائف ، يبذل فيما قيل ، فأجيب سؤاله. ثم فطن الأعيان بمصر لذلك فأنكروه ، وأعيد القاضى جمال الدين.
وكان ابن أبى البركات ، قد أرسل لأبيه بالتوقيع المنسوخ ، وعرفه بعود القاضى جمال الدين. فذكر ذلك أبو البركات للناس ، وتوقع أن توقيع القاضى جمال الدين بعوده وصل إليه ، ثم عرف أن هذا التوقيع لم يصل ، فندم على إخباره بعزل نفسه ، وذلك فى ربيع الآخر سنة أربع عشرة وثمانمائة ، وقويت الوحشة بينه وبين القاضى جمال الدين بعد ذلك.
فلما كان المحرم ، سنة ست عشرة وثمانمائة ، حصل بينهما صلح بسعى بعض جماعة أمير مكة ، وحضر الأمير هذا الصلح ، ودخل فيه ابن القاضى جمال الدين ، وصهره القاضى الحنبلى بمكة.
وكان أبو البركات قد حلف بالطلاق من زوجتيه ، أنه لا ينوب عن القاضى جمال الدين ، فألزمه الساعى فى الصلح بمخالعتها ، ففعل ذلك ، وناب عن القاضى جمال الدين ، وجدد عقده على زوجتيه ، وحكم بعدم طلاقهما حاكم يرى أن اليمين لا تعود بعد الطلاق ، إذا وقع المحلوف عليه فى العصمة الثانية. وتوالفا ظاهرا لا باطنا ، ثم حصل بينهما بعد أيام الحج من هذه السنة منافرة ، ثم اجتمعا وتوالفا ، حتى مات القاضى جمال الدين ، فى رمضان سنة سبع عشرة وثمانمائة.
وكان من خبر القاضى أبى البركات بعد ذلك ما سبق ذكره.
ومات بمكة معزولا ، فى ليلة الأربعاء الثانى والعشرين من ذى الحجة ، سنة عشرين وثمانمائة ، بعلة ذات الجنب ، ودفن فى صبيحتها بالمعلاة ، وخلف عدة أولاد ، ودنيا من العقار والنقد ، وغير ذلك.
وقد ناب فى الحسبة بمكة ، عن جده لأمه ، القاضى شهاب الدين أحمد بن ظهيرة ، الآتى ذكره.
٣٩٦ ـ محمد بن محمد بن سالم بن على بن إبراهيم الحضرمى ألأصل ، المكى المولد والدار ، يلقب بالضياء ، ويعرف بابن سالم :
سمع بالمدينة على الزبير بن على الأسوانى : الشفاء للقاضى عياض ، عن ابن تامتيت
__________________
٣٩٦ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ٩ / ٨٣).