ولكن قد تلوح للناظر في الروايات ... هنا وهناك ... بعض الحقائق التي حاول التكتم عنها في كتب القدماء أصحابها ...
ففي رواية الفقيه ابن المغازلي الشافعي ـ المتوفى سنة ٤٨٣ هـ ـ باسناده عن عبدالله بن عمر ، قال : « صعد عمر بن الخطاب المنبر فقال : أيها الناس إنه ـ والله ـ ما حملني على الإلحاح على علي بن أبي طالب في ابنته إلا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول : كل سبب ونسب وصهر منقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري ، فانهما ياتيان يوم القيامة يشفعان لصاحبها » (١).
يفيد هذا الخبر أن القضية كانت مورد تعجب من الناس وتساؤل في المجتمع ، الأمر الذي اضطر عمر إلى أن يعلن عن قصده في خطبة أم كلثوم ، ويحلف بالله بانه ليس إلا ما سمعه من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأنه كان منه « الإلحاح » في ذلك ... لكن لم يزد هذا اللفظ على « الإلحاح » شيئا! فلم يوضح كيفية الإلحاح ، ولا ما كان من الإمام عليهالسلام ...
وفي رواية الخطيب : « خطب عمر بن الخطاب الى عليّ بن أبي طالب ابنته من فاطمة وأكثر تردده إليه ، فقال : يا ابا الحسن ما يحملني عل كثرة ترددي اليك إلا حديث سمعته من رسول الله ... » ففيه : « أكثر تردده اليه ».
وفي بعض الروايات ما يستشم منه التهديد ، ففي رواية لابن سعد قال عمر في جواب قول الإمام عليهالسلام : « إنها صبية » قال : « إنك والله ما بك ذلك ، ولكن قد علمنا ما بك » وفي رواية الدولابي والمحب الطبري عن ابن إسحاق : « فقال عمر : لا والله ما ذلك بك ، ولكن أردت منعي » (٢). ولما وقع الخلاف بين أهل البيت في تزويجه وسمع عمر بمخالفة عقيل قال : « ويح عقيل ، سفيه أحمق » (٣).
__________________
(١) مناقب امير المؤمنين لابن المغازلي : ١١٠.
(٢) ذخائر العقبي في مناقب ذوي القربى : ١٦٨.
(٣) مجمع الزوائد ٤ / ٢٧٢.