ويطعمونها خيلهم ، هؤلاء مسلمون ، وهذا شهر رمضان ، وأنت مسلم وتسمع قراءتهم القرآن ، وضجيج الأطفال والنساء في الليل ، فوافقهم على ذلك ، وطلبوا القاضي ، وأربعة أنفس من كبار البحرية ، وحضروا قدام خربندا ، وخلعوا عليهم ، وأعادوهم وباتوا ، فما أصبح للمغل أثر ، وأنزلوا ، المجانيق ، وأثقالها رصاصا ، والطعام والعجين وغيره ، وهذه الحركة تكفيه إن شاء الله تعالى ذخيرة ليوم حسابه ، حقن دماء المسلمين ، ودفع الأذى عنهم ، وكان السلطان أبو سعيد تزوج بابنته بغداد ، وكان ابنه دمشق قائدا لعشرة آلاف فارس ، فدالت دولتهم ، وزالت سعادتهم ، وتنمر لهم أبو سعيد ، وقتل دمشق خواجا ولده ، وهرب أبوه إلى سلطان هراة مستجيرا ، فآواه ، ثم أدخله القلعة ، ثم أشار عليه بعض المفسدين بقتله ، فقتله ، ونقل في تابوت إلى بغداد ، في سابع عشر شوال سنة ثمان وعشرين وسبعمائة ، وصلى عليه في المدرسة المستنصرية ، فعل ذلك بإشارة ابنه بغداد خاتون ، وسلم إلى أمير الركب العراقي بمرسوم السلطان أبي سعيد ، ليأخذه معه إلى الحجاز الشريف ، ويدفنه في تربته التي بناها في مدرسته المشار إليها تحت الشباك الذي يستنشق من الحجرة النبوية الروح والريحان ، ويتنعم من شميم فوائح جوها نسيم الرضى والرضوان ، فلما وصلوا به إلى عرفات ، وقفوا به الوقفة ، ثم حملوه في محمل السلطان أبي سعيد ودخلوا به ليلا إلى مكة ، وطافوا به حول البيت ، وصلوا عليه ، ثم حملوه معهم إلى المدينة ، فلما أرادوا أن يدفنوه في تربته لم يمكنهم صاحب المدينة ، حتى يشاور الملك الناصر ، هكذا ذكره بعض المؤرخين ، وأما الصلاح الصفدي ، فإنه قال : لما جهزت ابنته بغداد تابوته ليدفن بالمدينة ، بلغ الخبر السلطان الملك الناصر ، فجهز الهجن إلى المدينة ، وأمرهم أن لا يمكنوه من الدفن في تربته ، فدفن تابوته في البقيع ، وجه الجمع بين القولين ظاهر ، وهو أنه يحتمل أن السلطان أرسل بالمنع ، وأمير المدينة أرسل بالاستئذان فتوافقا ، والله أعلم ، ولعل دفنه بالبقيع كان من دلائل قبوله ، وأقرب إلى نيل مقصوده ومأموله ، وأدل على درك مراده وسؤله ، من الاقتراب بعد وفاته من حرم الله وحرم رسوله ، توفي في العالم المذكور شهيدا ، وخلف من الأولاد : تمرتاش ، ودمشق خواجا ، وصرغان شرا ، ويغبصبطي وسلجوق شاه ، والأشرف ، والأشتر ، انتهى ما ترجمه بن المجد ، وهو في الدرر ، وتاريخ الفاسي ، ويقال : إن سبب المنع من دفنه بتربته : كونه إذا وضع فيها للقبلة تكون رجلاه للجهة الشريفة ، فإن تربته غربي المسجد ، بخلاف الجواد وغيره ممن دفن في شرقي المسجد ، فإن رؤوسهم إلى جهة الأرجل الشريفة ، فالله أعلم ، ومضى ابنه جلو خان قريبا.
٨٠٨ ـ جؤبة بن عبيد ، أبو عبيد الديلمي : عن أنس ، وأبي سلمة بن عبد الرحمن ، وعنه : يزيد بن أبي حبيب ، وابن عجلان ، وعياش بن عياش القتباني ، وروى عنه غنجار ، فقال حؤبة ـ بحاء مهملة ـ وهو تصحيف ، مات سنة سبع وعشرين ومائة ، قال ابن حبان