آخرها ، بل قرأ عليّ من أولها دروسا ، بل قال : إنه لقيه في مصاهرة مع الشيخ زروق. ومولده سنة خمس وخمسين أو بعدها تقريبا ومن شيوخه ، وقد كان بمكة كل ذلك ، وبعده يحضر الدروس عند قاضيها الشافعي والمالكي ، كما أنه كان يحضر بالمدينة عند مالكيها ، بل لازم فيها السيد السمهودي حتى حمل عنه كتابه ـ الأوسط الذي هو الأكبر الآن ـ في تاريخ المدينة ، ومعانا قراءة وسماعا ، إلى أن سافر مع ابن جبير ، ليكون معلما لهم أو قاضيا فبقي هناك إلى سنة اثنتين وتسعمائة. ووصفه في الكراسة التي كتبتها له بالشيخ الفاضل الأوحد الكامل ، العالم المتقن الضابط مفيد الطالبين وقدوة المخلصين ، جمال المدرسين. وقلت : إن ما أخذه مني للتفقيه في البحث والتقرير ، والإيضاح والتحرير ، فأفاد واستفاد وظهر فضله للنقاد ، وحقق ووفق ووقف حتى عرف ، وقال فطال بحيث ثبتت لدى معلوماته وتقررت في الفنون زياداته ، واستحق الإذن له في التصدر للإفادة ، والإقراء والإعادة.
١١٤٢ ـ خليفة بن الشمس محمد بن خليفة المنتصر بن محمد المدني : الآتي صديق أخوه وأبوهما ، سمع معه في سنة ثمان وتسعين وسبعمائة الموطأ على البرهان بن فرحون.
١١٤٣ ـ خليل بن عبد الرحمن بن محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن الحسن أبو عبد الله الضياء : أبو الفضل القسطلاني المكي المالكي إمام المالكية بها ويسمى محمدا. له ذكر في أحمد بن عبد العزيز بن القاسم النويري ، قال ابن فرحون : إنه كان من أئمة الدين ، والمتسمين باليقين. كانت مكة بلده ودار إقامته ، ولكنه قل أن تجيء قافلة منها للزيارة ليس هو معها ، بل كان قد أقام بها وجاور وقتا ، وقرأ على والدي العربية ، ولازم درسه وانتفع وحصل ، وكان يقول لي : ماذا كتب الشيخ من العربية؟ فأقول له ما علمت عنده سوى شرح من شرح الجمل لابن عصفور ، فيقول لي : ما هذا من حوائج ابن عصفور ، فهذا الذكر العظيم وحسن الإلقاء والتفهيم لا يكون إلا عن إلهام أو كثرة اشتغال ، وكتب كثيرة يلتقط محاسنها ويرتب قوانينها ، فأقول له : ما عنده غير ما ذكرت لك. وكان حال الفقيه خليل معلوم مشهور ، من البر والصدقة ومواساة الفقراء وتحمل الدين العظيم لأجلهم ، ينتهي دينه في بعض السنين إلى قرب مائة ألف درهم نقود ، ثم يقضيها الله عنه على أبر ما يكون ، وكان له من الدين فوق ما يصفه الواصفون ، ومن العلم مثل ذلك ، ومن الورع والتمسك بالسنة فوق ذلك ، قل عن البحر فالبحر يقف دونه. كان لي النصيب الوافر في دعائه ومكاتبته ونشر ذكره عند أهل الخير ، جزاه الله خيرا وكان عنده الوسواس في طهارته ما اشتهر مثلا في الأقطار. مات في شوال سنة ستين وسبعمائة ، سنة مات القاضي شهاب الدين قاضي مكة. وكلنا سراجى مكة في فنيهما. وقل أن يخلفهما أحد مثلهما فيما بقي من الدهر رحمهماالله. انتهى. وقد ذكر الفاسي بما ملخصه : أنه سمع على العماد عبد الرحمن بن محمد الطبري وأخيه يحيى ، والأمين القسطلاني ، والفخر التوزي ، والصفي