ومن النكت الطريفة : أن سليمان كتب إليه : أحص من قبلك من المخنثين فصحفت ب «أخص» بالخاء المعجمة ، فخصاهم ، بل قيل : إنه علم بالتصحيف قبل الفعل ، وإنه كف.
وكان ابن حزم عليها قبله لأخيه الوليد ، فإنه حكى أنه تحامل على الأحوص الشاعر تحاملا شديدا ، فسار إلى الوليد يشكوه ، وأنشد قصيدة يمتدحه بها ، من جملتها :
لا ترثين لحزمي ظفرت به |
|
يوما ، ولو ألقي الحزمي في النار |
الناخسين بمروان بذي خشب |
|
والداخلين على عثمان في الدار |
فقال له الوليد : صدقت ، والله لقد أغفلنا حزما وآل حزم.
ثم كتب بولاية عثمان بن حيان المري ، وبعزل ابن عمر ، واستصفاء أموالهم ، وإسقاطهم جميعا من الديوان.
واستعمل ابن عمهما عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم عليها خالد ابن أبي الصلت ، وعلى القضاء أبا طوالة عبد الله بن عبد العزيز بن معمر بن حزم ، بل كان أبو طوالة خليفة لابن عمه أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم في القضاء ، وولي قضاء المدينة لعمر عبد الرحمن بن يزيد بن جارية.
واستعمل هشام بن عبد الملك ـ الذي حج قبل خلافته بالناس سنة ست ومائة ـ كلا من خاليه إبراهيم ومحمد ابني هشام بن إسماعيل بن الوليد بن المغيرة القرشي المخزومي على مكة والمدينة والطائف ، وكأنه ولى إبراهيم أولا ، فإنه قدم المدينة وهو أمير في جمادي الثانية سنة ست ومائة ، ثم عزله في سنة أربع عشرة ومائة بأخيه خالد بن عبد الملك ، وكأنه صرفه أيضا ، ثم أعاده سنة سبع عشرة ومائة لكل من مكة والمدينة والطائف وحج بالناس.
ثم صرفه في التي بعدها بمحمد بن هشام أخي إبراهيم ، فكان واليها سنين ، كأنه إلى خمس وعشرين آخر أيام هشام ، وحج بالناس في أول سنيه.
وكان القاضي بها أيام إبراهيم : سعيد بن سليمان بن زيد بن ثابت ، والقاضي في خلافة هشام إما زبيد بن الصلت ، أو والده الصلت.
ثم لما صارت الخلافة لابن أخيهم الوليد بن يزيد بن عبد الملك كتب إلى يوسف بن عمر ـ أمير المدينة ـ بالقبض على محمد وإبراهيم المذكورين ، ففعل وعذبهما حتى ماتا سنة خمس وعشرين ومائة.
وولي مكة والمدينة عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز بن مروان : لمروان بن