شرطته عمرو بن الزبير بن العوام ، لما كان بينه وبين أخيه عبد الله من التفاطن ، وكانت وقعة الحرة ، واستشهد فيها عبد الله بن حنظلة الغسيل الصحابي في ذي الحجة منها ، وكانت الأوس ولته أمرها. وحين بويع في الشام لعبد الملك بن مروان بن الحكم ولى عروة بن أنيف ، وجهزه في عسكر لقتال أهل المدينة ، فهرب الحارث بن حاطب بن الحارث بن معمر ، متوليها لعبد الله بن الزبير. فكان ابن أنيف يدخل فيصلي بالناس الجمعة ثم يعود لمعسكره ، ودام شهرا ، ثم صار يصلي بعده عبد الرحمن بن سعد القرظ ، إلى أن عاد الحارث إلى المدينة ، ثم عزله ابن الزبير بجابر بن الأسود بن عوف الزهري ، ثم سنة سبعين بطلحة بن عبد الله بن عوف الزهري ، المعروف ـ لجوده ـ بطلحة الندي ، فلم يزل حتى أخرجه طارق بن عمرو حين قدمها في سنة اثنتين وسبعين ، واستقر ثعلبة ـ رجل من أهل الشام ـ فكان يأكل وهو على منبر النبي صلىاللهعليهوسلم التمر وغيره ، ليغيظ أهل المدينة ، مع شدته على أهل الريبة.
وكذا ولى عبد الملك المدينة في سنة اثنتين وسبعين طارق بن عمرو مولى عثمان المذكور خمسة أشهر.
وكان قاضيا أيامه عبد الله بن قيس بن مخرمة ، بل كان قاضيا في حياة جابر بن عبد الله الأنصاري ، واستخلفه الحجاج ، إذ ولي العراقين على المدينة.
ولى عبد الملك أيضا أبان بن عثمان بن عفان سبع سنين فأزيد.
وممن ولي المدينة لابن الزبير ، المقيم في الخلافة تسع سنين ـ لم يترك الحج في واحدة منها ، أولها : سنة أربع وستين ـ الحارث بن حاطب ، المشار إليه ، وكان الحارث هذا : يلي لمروان المساعي بالمدينة ، ودام إلى أيام ابنه عبد الملك ، بل استعمل عبد الملك الحجاج على مكة والمدينة ، فلما قتل ابن الزبير دخل مكة ، فبايعه أهلها لعبد الملك ، وسار إلى المدينة ، فأقام بها شهرا أو شهرين ، وتجرأ فيها على الصحابة ، وتكلم بالقبيح ، وذلك في صفر سنة أربع وسبعين ، وكذا استعمل عبد الملك هشام بن إسماعيل المخزومي ، ثم عزله ابنه الوليد الذي حج بالناس سنة سبع وتسعين.
وولي عمر بن عبد العزيز من سنة ست وثمانين إلى سنة ثلاث وتسعين.
وكان على سوق المدينة أيام إمرة عمر بن عبد العزيز سليمان بن يسار ، أحد أئمة التابعين ، ثم عزل الوليد عمر بعثمان بن حيان ، فدام ثلاث سنين ، واستعمل أخوه سليمان بن عبد الملك ـ المتوفى سنة تسع وتسعين ـ بعد عزله لعثمان بن حيان سنة ست وتسعين محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري ، الذي كان مقدما على الخزرج يوم الحرة.