وروى صاحب كتاب إصبهان وحدّثنيه أبو محمّد بن حيّان. ولم يذكر إسناده عن بعض أهل السير أنّ الحجّاج بن يوسف ولّي على إصبهان وهزاذ بن يزداد الأنباري وكان ابن عمّ لكاتبه زاذان فرّوخ المجوسي فكتب إلى الحجّاج في بعض أوقاته في مقامه بإصبهان يسئله نظرا لأهلها ببعض خراجهم فكتب إليه الحجّاج كتابا هذه نسخة بعضه بسم الله الرحمن الرحيم وأمّا بعد فإنّي استعملتك يا وهزاذ على إصبهان أوسع المملكة رقعة وعملا وأكثرها خراجا بعد فارس والأهواز وأزكاها أرضا حشيشها الزّعفران والورد وجبلها الفضّة والإثمد وأشجارها الجوز واللّوز والكروم الكريمة والجلّوز والفواكه العذبة طيرها عوامل العسل وماؤها فرات وخيلها الماذيانات الجياد أنظف بلاد الله طعاما وألطفها شرابا وأصحّها ترابا وأوفقها هواء وأرخصها لحما وأطوعها أهلا وأكثرها صيدا فأنخت عليها يا وهزاذ بكلكل اضطرّ أهلها إلى مسئلتك ما سألت لهم لتفوز بما يوضع عنهم فإن كان ذلك باطلا وإلّا أبعدك عن ظنّ السوء فستردّ فتعلم وإن صدقت في بعضه وقد أخربت البلد أتظنّ يا وهزاذ أن أنفّذ لك ما موّهت [وسحرت] من القول وقعدت تشير علينا به فعضّ يا وهزاذ على غرلة أير أبيك ومصّ بظر أمّك وأيم الله لتبعثنّ إليّ بخراج إصبهان كلّه ولأجعلنّك طوابيق على أبواب مدينتها فاختر لنفسك أوفق الأمرين لها أو ذر والسلام.
وحكى أبو معشر أنّ الملوك طلبوا لمستودع العلوم من الظّروف أصبرها على الأحداث وأبقاها على الدهر وأبعدها من التعفّن والدّروس فاختاروا لها لحاء شجر التّوز واقتدى بهم أهل الهند والصين فاختاروها أيضا لقسيّهم التي يرمون عنها لصلابتها وبقائها على القسيّ غابر الدهر فلمّا كتبوا مستودع علومهم في أجود ما وجدوه من الظروف طلبوا لها من أنواع الأرض وبلدان الأقاليم أصحّها تربة وأقلّها عفونة وأبعدها من الزّلازل والخسوف وأعلكها طينا وأبقاها على الدهر بناء فانتقضوا بلاد المملكة وبقاعها فلم يجدوا تحت أديم السماء أجمع لهذه الأوصاف من إصبهان ثمّ فتّشوا عن بقاع هذا البلد فلم يجدوا فيها أفضل من رستاق جيّ ولا وجدوا في
__________________
وبخوزستان أنهار كثيرة وأعظمها نهر تستر وهو الذي بنى عليه ساور الملك شازوران بباب تستر حتى ارتفع ماؤه إلى المدينة لأن تستر على مكان مرتفع من الأرض وهذا الشاذروان من عجائب الأبنية يكون طوله نحو الميل مبني بالحجارة المحكمة والصخر وأعمدة الحديد وبلاطه بالرصاص. وقيل إنه ليس في الدنيا بناء أحكم منه وبتستر قبر البراء بن مالك الأنصاري. وخبرها يطول أنظره في معجم البلدان (٢ / ٢٩).