رستاق جيّ أجمع لما راموه من مدينة جيّ فجاءوا إلى قهندز هو في داخل المدينة حتّى بني بناء عجيب محكم وثيق فأدعوه علومهم وقد بقي إلى زماننا هذا وهو يسمّى سارويه. ولقد تهدّمت من هذه المصنعة قبل زماننا بسنين كثيرة ناحية فوجدوا في أزج معقود من طين الشيفتق كتبا كثيرة من كتب الأوائل كلّها في لحاء التّوز مودعة أصناف العلوم من علوم الأوائل بالكتابة الفارسيّة القديمة. حدّثنا عبد الله بن محمّد بن جعفر قال سمعت عبد الله بن محمّد المذكّر يقول سمعت أبا العبّاس الدقّاق يقول سمعت بعض المحدّثين يقول دخل أيّوب بن زياد الإصبهاني على المأمون أمير المؤمنين فقال يا أيّوب صف لي إصبهان وأوجز فقال يا أمير المؤمنين هواؤها طيّب وماؤها عذب وحشيشها الزعفران وجبالها العسل غير أنّها لا تخلو من خلال أربع جور السلطان وغلاء الأسعار وقلّة الأمطار وفقد مياه فأطرق المأمون ساعة وبيده قضيب ينكت به في الأرض فرفع رأسه وقال يا أيّوب لعلّ قرّاءها منافقون وتجّارها مربئون وتنّاءها شربة خمور وفي أطرافها لا يصلّون (١). كذا روي دخل أيّوب على المأمون ووهم المذكّر أو بعض المحدّثين فيه فإنّ أيّوب بن زياد الذي كان عاملا على إصبهان الذي بنى المسجد والسوق كان يلي على إصبهان من قبل أبي جعفر المنصور سنة إحدى وخمسين ولم يعش إلى خلافة المأمون. سمعت أبا بكر محمّد بن إبراهيم بن عليّ يقول غير مرّة سمعت من يحكي أنّ محمد بن سليمان صاحب ميدان سليمان الإصبهاني دخل على المأمون فقال له صف لي إصبهان وأوجز فقال هواؤها طيّب وماؤها عذب وحشيشها الزعفران وجبالها العسل غير أنّها لا تخلو من خلال أربع جور سلطان وغلاء الأسعار وقلّة أمطار وقلّة مياه فأطرق المأمون ساعة وبيده قضيب ينكت به الأرض فرفع رأسه فقال يا محمّد لعلّ قرّاءها منافقون وتجّارها مربئون وتنّاءها شربة خمور وفي أطرافها لا يصلّون. سمعت أبا محمّد بن حيّان في آخرين يقولون سمعنا محمّد بن عبدوس الطحّان الفقيه يقول قال لي ابن زغبة بمصر بلغني يا أهل إصبهان أنّ سهلكم زعفران وجبلكم عسل ولكم في كلّ ذرا عين ماء عذب فقلت كذلك بلدنا فقال لا أصدّق هذا هذه الجنّة بعينها. سمعت عبيد الله بن محمّد بن محمّد العكبري
__________________
(١) يشير بذلك إلى الحديث (٤٠١٩) : الذي رواه ابن ماجة بسنده إلى عبد الله بن عمر يرفعه وفيه (... ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان عليهم. ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا ...) الحديث.