من المهجور إلى لذيذ الوصال ، فهل يعود جمع الشمل بديار الأنس والأفراح ، وهل نفوز بالتلاقي فتزول عنا الأكدار والأتراح ، وأيم الله لا أنسى تلك المغاني ، ولا أسلو ديارا (٤٧ أ) هي المنى والأماني ، ولم أزل أتمثل بقول السلف الأول :
يا ديار السرور لا زال يبكي |
|
فيك إذ تضحك الرياض غمام |
رب عيش صحبته فيك غض |
|
وعيون الفراق عنا نيام |
وفي ليال كأنهن أمان |
|
في زمان كأنه أحلام |
وكأن الأوقات فيه كؤوس |
|
دائرات وأنسهن مدام |
زمن مسعد وإلف وصول |
|
ومنى تستلذها الأوهام |
فعسى المولى الرحمن ينعم بالجمع في تيك الأوطان ، فنبدد شمل الفراق ، إذ طالما طل دمي وأراق.
وكتبت أيضا منها إليه كتابا صورته : ما مسامرة الغواني ربات الحجال ، وما منادمة الكواعب ذوات الغنج والدلال ، بألذّ من تسليمات نوافجها تزري بالعبهر (١) والجادي (٢) ، ويضوع رياها في كل واد وكل نادي ، نشأت من ودود سلم من داء الملق وده ، وتخلّص من عضال الهزل جده ، ذي أشواق تتلظى زفراتها ، وتتوقد في الأحشاء جمراتها ، وتجري بها من الجفون عبراتها ، وتتصاعد من الأفئدة (٤٧ ب ٩ حسراتها ، شوقا إلى ذي الطلعة الميمونة ، والحضرة المأنوسة المصونة ، البارع في آدابه ، السامي على أترابه ، جدّ في تحصيل الكمالات فانقادت إليه ، ودأب في اقتناص الشاردات فانحازت لديه ، سما مجده على السمّاك ، وهو الحري بذلك ، فرع شجرة المفاخر ، ينبوع عيون المآثر ، يعجز عن وصفه كل واصف ، ويقف دون ساحل معارفه كل عارف ، الولد الأنجب الأسعد الأكمل أبي المحاسن حسين الأنبل الأمثل ، لا زالت شموس سعده في أفلاك الدوام جارية ، وأقمار مجده في بروج السيادة
__________________
(١) العبهر : النرجس.
(٢) الجادي : الزعفران.