سارية ، آمين. أيها الولد! وأيم الله ، قد نفد صبري ، وتحيرت في أمري ، فأنا أسير بعد وأشواق ، وطريح وجد وفراق ، تبت يدا البعاد (١) كأنه أبو لهب ، فلقد لقيت منه ما يقضي على العجب :
تبت يدا من عن الأحباب ألوانا (٢) |
|
أضحى يجر عنا للحتف ألوانا |
(تبت يداه لقد أضحى أبا لهب) (٣) |
|
يذيب أفئدة منا وأبدانا |
أما الدموع فهي دماء ، وأما نوحي فنواح (٤) الخنساء ، وأما (٤٨ أ) شوقي فالسعير بالنسبة إليه زمهرير ، وأما نومي فمشرد ليس له إلى الأجفان عود ومصير ، لا تألف جنوبي المضاجع ، ولا يغسل دم أجفاني سح المدامع ، بل الدمع أنفدته ساعة الوداع ، وخلفه الدم فصار الدمع دمّاع (٥) ، فإيم الله إن امتدّ البعاد فلا الدم يفي ولو كان البحر له مداد (٦). ولما هاض شوقي ، وضاق عنه طوقي ، نظمت هذه الأبيات ، وإن كانت غير جيدات ، لكنها نفثة مصدور ، وأنة مهجور ، وحسرة مأسور ، وتعلة مقهور ، فقلت (٧) :
دمع يفيض على الخدود مسلسلا |
|
وجوى تضرم في الجوانح مشعلا |
وإذا تهب من الأحبة شمأل |
|
زادت بي البلوى فبت مبلبلا |
غادرت قلبا بالعراق مضيعا |
|
والجسم في ذا الوقت (٨) حل الموصلا |
__________________
(١) في النسختين : البعاد ولا وجه لها.
(٢) ألوى : أبأ وقصر. وفي ب (أكوانا).
(٣) مطموسة في أ.
(٤) في ب (نوح).
(٥) الدماع : ماء العين من علة أو كبر.
(٦) في أ(البحر له دما).
(٧) ديوان عبد الله السويدي ص ٤٣ ـ ٤٤.
(٨) في ب (ذا القلب).