وحوله قرية صغيرة قديمة هي الآن خراب (١) والمسافة نحو بريد.
[عين زال]
وتليها مرحلة عين زال بزاي معجمة فألف فلام آخر الحروف (٢) ، وهي عيون كثيرة على وجه الأرض ، وماؤها عذب إلّا أنه دون عين تل موس عذوبة وصفاء ، وحولها قرية صغيرة خراب ، والمسافة سبعة أميال.
وفي هذه المرحلة أخذ جمالنا نوع من الجنون فنفرت وألقت أحمالها وأقتابها (٣) ، فبعد تعب شديد ، ومشقة عظيمة ، حتى ضبطت ، ومات واحد منها في الحال وواحد نفر فلم يقدر على رده فضاع ولم يعلم خبره. والحاصل أن الجمال الباقية بقيت سكرى إلى آخر اليوم ، فسألت عن سبب ذلك فقيل :
إنها أكلت شجرة الغزوح (٤) ، وكل حيوان حتى بنو آدم إذا أكلوا منها اعتراهم شبه الجنون ، حتى أن بعض الناس يضعها في التتن (٥) فإن شربها الإنسان أخذته خفة وطرب وجنون ، يتخيل له أشياء لا وجود لها ، فتارة يضحك ، وتارة يبكي ، وتارة يخيل له أنه في بحر مغرق ، وتارة يخيل له أنه على ظهور الخيل ، (وتارة يغني وغير ذلك من الأمور غير المنتظمة. وقد رأيت هذه الشجرة) (٦) فإذا هي قضبان (٥٠ أ) دقاق خضر لها ورد أصفر
__________________
(١) هكذا ضبطه المؤلف على وفق نطق أهل زمانه ، وما زال يعرف بهذا الضبط إلى الآن ، والصحيح (تل موسى) فإنه منسوب إلى الأمير موسى التركماني أحد أمراء الموصل في عهد الدولة السلجوقية ، وكان قد قتل سنة ٤٩٥ ه فدفن على تل قرب قرية كراثا ، ثم عرف هذا التل به ، بل اشتهرت كراثا بتل موسى ، وتقع هذه القرية على طريق المسافر من الكسك إلى عين زاله. ينظر محمد أمين العمري : منهل الأولياء ج ١ ص ١٠٤
(٢) كذا ضبطها المؤلف ، والمشهور اليوم (عين زاله). وهي بلدة اشتهرت بعيون النفط فيها ، وتعد أحد حقول النفط المهمة في العراق.
(٣) القتب : الرحل.
(٤) في ب (القزوح) ، ولم نقف عليها فيما راجعناه من المعاجم وكتب النبات.
(٥) التتن : هو التبغ بلهجة أهل العراق.
(٦) مطموسة في أفأكملناها من ب.