عجيمي زاده (١) ، بلغه الله منازل السعادة آمين ، فأكرموني غاية الإكرام ، وعظموني نهاية الإعظام ، فأضافوني في ديار هم المعمورة مرّات عديدة ، وفي بستانهم الفريدة كرّات مديدة ، وبتنا ليالي في بستانهم الذي زهت أشجاره ، وترنمت أطياره ، وتسلسلت أنهاره ، ونضجت أثمارها ، فنسيت الأهل والوطن ، وكانت تلك الليالي من غرر الزمن :
فلا عيب فيهم غير أن ضيوفهم |
|
تلام بنسيان الأحبّة والوطن |
فلعمري إنها ليال تعد من نفائس الأعمار ، آمنة من شوائب الأنكاد والأكدار :
ذكرت بها عهد الصبا فكأنما |
|
قدحت بنار الشوق بين الحيازم |
ليالي لا ألوي على رشد ناصح |
|
عناني ولا أثنيه عن غي لائمي |
(٥٦ ب) اللهم يا ذا الطول المديد ، إمنحه مد الدهر بعيش رغيد. وقد وصلني منه كسوة تامة فاخرة في صحبتها ، دراهم غير قليلة ، جزاهم الله خيرا ، ودفع عنهم مكروها وضيرا.
وممن أكرمنا السيد السند الذي طاب نجاره ، وشمخ فخاره ، ذو الأخلاق دونها العطر المسكي ، ولا يقاربها العنبر الذكي ، صاحب العلم والعمل الصالح جامع الشريعة والحقيقة ، فأكرم به من ناجح فالح ، كم أعان عانيا من الخطب الفادح ، وكم أنقذ هالكا من أنياب الدهر الكاشح ، سلالة البضعة الهاشمية ، وفرع الدوحة الفاطمية سيدي الأمجد الأكرم ، والأنبل الأفخم ، السيد يونس بن ولي الله السيد إبراهيم المعروف بابن أدهم (٢) ، فلقد
__________________
(١) أشار المرادي في ترجمته لأبي السعود الكواكبي (سلك الدرر ج ٢١ ص ٥٨) إلى أن من شيوخه الذين أجازوه الشيخ حسن العجيمي المكي ، وذكر اسم أبيه عرضا في ترجمة عبد الرحمن البعلي (ج ٢ ص ٣٠٤) ، ووصفه بالمحدث الكبير ، ونوه بجودة سنده ، فلعله هو ، وعلى أية حال فيفهم من هذا أن الأسرة مكية الأصل ، وأن من رجالها من عرف بالعلم والتدريس.
(٢) إن يونس المذكور ليس ابنا مباشرا لإبراهيم المعروف بابن أدهم ، وإنما من أحفاده ، وذلك للمسافة الزمنية بين الرجلين ، فإبراهيم هذا هو ابن جعفر بن محمد بن إسماعيل بن أحمد الأعرابي بن محمد بن القاسم بن حمزة بن موسى الكاظم ، ومن الراجح ـ بحساب الأجيال ـ أنه قد عاش في أواخر القرن الخامس للهجرة ، ولا