الأصفر (١) في مصلّى الشافعية. وأما المسائل المتعلقة بتحفة ابن حجر وبالنحو والصرف وسائر الفنون فهي أكثر من أن تحصى ، وكان ـ حفظه الله ـ بحاثا بحيث كان يتعبني في المباحثة إلّا أن الغالب عليه عدم إظهار التسليم (٦٩ ب) إلّا أن يلزم إلزاما لا مناص له منه.
وممّا منّ الله عليّ أني ما بحثت مع أحد منهم إلّا وكان الصواب معي ، فعظمت في أعينهم بحيث يعاملونني معاملتهم لمشايخهم. وكنت كل يوم أجتمع معه في الجامع الكبير ، ويضيفني فيها ، وتأدب معي غاية التأدب ، والأبحاث بيننا غير منقطعه.
ومما وقع البحث فيه ، قول الشاعر :
منينني بالوصل حتى |
|
إن مللت من التمني |
عرضن لي بالوصل حتى |
|
قلت قد أعرضن عني |
فقلت : فيكف يكون إعراضهن غاية لتعريضهن بالوصل ، فتكلف في الجواب ، ولم يقع على الصواب. والجواب إن (قد) هنا اسم فعل بمعنى كفى [و] ليست قد الحرفية.
ومما وقع البحث عنه قوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إذا مات المؤمن أعطي نصف الجنة. فسألته : ما معنى هذا الحديث؟ فتوقّف. والجواب ، كما نقله الشيخ أحمد المقري (٢) في تاريخ المغرب (٣) عن أبي مدين ، أن معناه أعطي نصف جنة. قال : عوض عن الإضافة ، كما هو مذهب الكوفيين ، أو إنها للعهد كما هو مذهب البصريين ، فلم يسلم لهذا الجواب ظاهرا. فاتفق أني صليت العصر في الجامع الكبير ، وهو في درس البخاري ، فسمعته ، وهو لم يرني ، يقرر هذا الحديث ويفسره بعين ما ذكرته له.
__________________
(١) في ب (الأصغر) ولا صحة له ، والمحراب الأصفر هو المحراب الكبير في الجامع الأموي بحلب ، عرف بهذا الاسم لأنه مبنى بحجر أصفر اللون ، وقد كتب عليه ما يدل على أنه من إنشاء السلطان قلاوون في رجب سنة ٦٨٤ ه / ١٢٨٥ م. الغزي : نهر الذهب ج ٢ ص ٢٤٣
(٢) هو أحمد بن محمد بن أحمد التلمساني المقري المتوفّي سنة ١٠٤١ ه / ١٦٣١ م.
(٣) يريد كتاب (نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب).