ومما وقع السؤال عنه قوله صلىاللهعليهوسلم : ما أسلم من عواصي قريش إلا المطيع بن سالم (١) ، فتحير في الجواب ، وجوابه كما ذكره ابن الأثير في النهاية (٢) : إن المعنى ما أسلم ممن تسمّى بالعاص إلّا مطيع ، ومطيع هذا كان اسمه أولا العاصي فغيّر النبي صلىاللهعليهوسلم اسمه ، فسمّاه المطيع ، فالعواصي جمع العاصي علما لا صفة.
ومما وقع السؤال عنه ، على طريقة المداعبة ، أني قلت له : إن بعض الناس يقول : إن أبا هريرة قال لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وفي هذه الجملة تمّ الحديث ، وأفاد معنى حكما شرعيا ، فأين مقول القول الذي يتوقف عليه المعنى؟ فتوقف. والجواب : إن قال الثاني من القيلولة لا من القول.
ومما جرى بيني وبينه أنّا حضرنا عقد نكاح ، فرأيتهم يحرصون على حضور العدول ، فقلت : ولم هذا؟ فقال : حتى يصبح العقد على مذهب الإمام الشافعي. فقلت : لا يصح في هذا المجلس ، لأن الولي وأكثر (٩٢ ب) الحاضرين لابسون حريرا ، ولبس الحرير من الكبائر التي يفسق بها الولي والشهود ، بل يفسق من كان جالسا معهم وله قدرة على دفع المنكر ، أو يقدر على مفارقتهم ، فأنكر أن يكون لبس الحرير من الكبائر ، فأخرجت له الزواجر لأبن حجر (٣) ، فذكر أن لبس الحرير من الكبائر. وذكر في موضع آخر : أن الاجتماع معهم ، مع القدرة على جفاوتهم كبيرة ، فلما رأى ذلك قال : لا أسلم ذلك! إنما أريد كتابا في الفقه ذكر ذلك ، فنظرنا عبارة التحفة (٤) ، فأحال الكبائر ومعرفتها على الزواجر. وعرضت عليه عبارة الذهبي فإنه صرح بأن ذلك كبيرة ، وعبارة الشبراملسي فإنه قال : وهو من الكبائر ، فتوقف حتى إني غضبت عليه ، فقلت : لم هذا العناد مع تصريح الشيخ ابن حجر وأنت أولا
__________________
(١) لم نجد هذا الحديث : والذي سبقه ، في الصحيحين والسنن.
(٢) النهاية في غريب الحديث لأبي السعادات مبارك بن محمد ، ابن الأثير الجزري المتوفّي سنة ٦٠٦ ه.
(٣) الزواجر عن اقتراف الكبائر لشهاب الدين أحمد بن محمد بن حجر الهيتمي المكي المتوفّي سنة ٩٧٤ ه.
(٤) يريد كتاب تحفة المحتاج لشرح المنهاج لابن حجر الهيتمي أيضا.