الذين سحقوا بالإلقاء في جهنم على الذين يسحقون بذلك ، وإنه من تغليب الموجود على المترقب ، وإطلاق اسم الجزء على الكل ، فمع (١) بنائه على إخراج الجملة عن الدعاء سخيف من وجوه منها أن الحذف ينافي التغليب ، ومنها أن السحق هو الإبعاد عن الرحمة ، وهو لا يتوقف على الإلقاء في جهنّم ، فلا فرق في ذلك بين الأفواج ، ومنها أنه على تسليم كونه ماضيا صرفا مربوطا بالإلقاء في جهنم يكون من قبيل (فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ)(٢) والأفواج كلها في عدم وقوع ذلك قبل يوم القيامة ، وكذا في القول بأن متحقق الوقوع كالواقع على السوية ، ومنها على أن لا يحصل للتعليل على ما له وجه ظاهر إلى غير ذلك ، هكذا ينبغي أن يقرأ هذا المحل ، انتهت عبارة زين العابدين. وقال اللاقاني (٣) : بيانه أي قوله البيضاوي أن أصحاب السعير هم (٨٥ أ) الشياطين (٤) بدليل قوله (وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ وَأَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ)(٥) وأن أصحاب جهنم هم الذين كفروا بربهم بدليل قوله تعالى (وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ)(٦) وسمى أحد الفريقين (٧) أصحاب جهنم بخلودهم فيها ، وصاحب لغة الملازم المستمر ، وقوله تعالى بعد ذكر الفريقين وتسميتهما بما ذكر (فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ) أراد به الفريقين معا فأطلق عليهما معا ما حقه أن يطلق حقيقة على الشياطين خاصة إطلاقا على سبيل تغليب الشياطين على الذين كفروا دون العكس ، لأن الشياطين هم بالأصل في الهوى والضلال ، والذين كفروا تبع لهم
__________________
(١) في ب (مع).
(٢) الزمر آية ٦٨
(٣) لم نقف على هويته بين شراح تفسير البيضاوي ومحشّيه والمعلقين عليه. ينظر الحاج خليفة ، كشف الظنون ، ص ١٨٦ ـ ١٩٤
(٤) في تفسير البيضاوي ص ٧٤٩ (الشياطين وغيرهم).
(٥) الملك آية ٥.
(٦) الملك آية ٦.
(٧) في ب (وسمى أحد أصحاب السعير).