يقولوا : ما كنا أصحاب (١) السعير. وإن كان أمر الكل راجعا إلى صحبة السعير ، وتوضيحه أن القائل في قوله : قالوا ، وقوله : ما كنا ، (٨٤ أ) إن كان مجموع الأفواج فالمراد تغليب الشياطين الذين صحبوا السعير بالفعل قبل على ما دل عليه قوله تعالى (وَأَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ)(٢) كما صرح به المولى أبو السعود (٣) لما فيه من الإشعار بتقدم وقوع صحبتهم عليهم ولا ينافي إطلاق أصحاب السعير على غيرهم ، ولا التصريح بكون السعير معتدة لهم أيضا في آيات أخر كما توهم ، وإن كان كل واحد من الأفواج كما هو الظاهر من النظم الجليل ، فالمراد تغليب من عداهم من الشياطين فقط أو مع الكفرة الذين وصلوا إلى صحبة السعير بالفعل قبل الفوج القائل وهو على التقديرين من تغليب ما وجد على ما لم يوجد ، كما في قوله تعالى (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ)(٤) مع كون المنزل بالفعل حينئذ بعض القرآن لا كله المراد في المقام واستعمال الأصحاب في المركب من الذين صحبوا بالفعل والذين لم يصحبوا استعمال في غير ما وضع له كما هو قانون التغليب ، وفيه إيجاز باعتبار أن ظاهر السّوق : فسحقا لهم ولأصحاب السعير ، وفيه تعليل لاستحقاق السحق يكون الكل أصحاب السعير ، وأيضا فيه مبالغة باعتبار اشتراك الفريقين في الحكم الواقع بالفعل على السوية ، (٨٤ ب) والإيماء إلى أنه لا فرق بين صحبتهم لهم وصحبة الأصحاب بالفعل إلا بمقدار من التقدم والتأخّر يقع مثله بين المشاركين في الاسم الواحد والوصف المعين ، وأما ما قاله المولى الخلخالي (٥) من أن التغليب إما هو بالفعل الماضي المقدر للفوج
__________________
(١) في ب (في أصحاب) ولا وجه له.
(٢) الملك ، من الآية ٥.
(٣) يريد : أحمد أفندي ابن الشيخ محيي الدين مصطفى المعروف بأبي السعود العمادي ، المتوفي سنة ٩٨٢ ه ، في تفسيره المسمى (إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم).
(٤) البقرة آية ٤.
(٥) هو حسن الحسيني الخلخالي المتوفي سنة ١٠١٤ ه / ١٦٠٥ م ، وله حاشية على أنوار التنزيل للبيضاوي من سورة ياسين إلى آخر القرآن ، وهي التي يشير إليها المؤلف هنا.