مستجيزين منه الإجازة ، على وفق تقاليد ذلك العصر وأعرافه ، ولم يكن مجلسه يخلو من أمثال أولئك الطالبين في كل حين. وفي هذا يقول واصفا منزلته الاجتماعية «وصرت ـ والحمد لله ـ بحيث يشار إلىّ بالبنان ، ويوقّرني العامة والأعيان ، وترفع محلي الولاة ، وتتمنى رؤيتي القضاة ، مسموع الكلمة ، نافذ الأمر ... وكل هذا ، أيها الواقف على هذه الرحلة ـ من بركات العلم». (١)
نال السويدي تقدير معاصريه ، فوصفه الأديب عصام الدين عثمان بن علي العمري الموصلي (ت ١١٨٤ ه / ١٧٧٠ م) بأنه «ممن يجلّه الدهر ، ويعظّمه العصر ، ويقدمه الفخر .. صاحب الأمثال السائرة ، والبديهة الغريبة النادرة ، وهو النبيه النبيل ، الذي ما للوصول إلى كماله سبيل. رجل العراق ، وواحد الأدب على الإطلاق ، شمس سماء ذلك البلد ، الذي لا يدانيه في فضله أحد ... فهو من حسنات الزمان ، وثمار الأمن والأمان .. الخ» (٢) وتساءل الأديب محمد بن مصطفى الغلامي (ت ١١٨٦ ه / ١٧٧٢ م) : «ما ذا أقول في حقه وقد طارت أجنحة الأخبار بفضله في البلاد كما ملأت الدروب؟» (٣) ووصفه المؤرخ محمد خليل المرادي الدمشقي (ت ١٢٠٦ ه / ١٧٩١ م) بأنه «الشيخ الإمام العالم العلامة ، الحبر المدقق الأديب الشاعر المفنن». (٤)
ومنهم من قصد بغداد خصيصا للأخذ عنه ، والاستفادة من علمه ، ذكر الشيخ عبد الرحمن بن عبد الكريم الأنصاري المدني (ت ١١٩٥ ه / ١٧٨١ م) في مقامة أدبية أنشأها على غرار مقامة الأمثال السائرة للسويدي ، (٥) أنه طرق سمعه ـ وهو في بلده ـ من يشدو
__________________
(١) النفحة المسكية الورقة ١٧
(٢) الروض النضر في ترجمة أدباء العصار ٣ (بغداد ١٩٧٧) ص ٣٨٠
(٣) شمامة العنبر والزهر المعنبر (بغداد ١٩٧٧) ص ٣٨٠
(٤) سلك الدرر ج ٣ ص ٨٥
(٥) نشرت في آخر مقامة (الأمثال السائرة) ص ٣٨٠