من أن (١) أكون مقصرا في تعظيمه وتوقيره والتأدب معه صلىاللهعليهوسلم ، ومع ذلك كل ساعة ألوم وأقول : بأي وجه أواجه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأنا ذو جرم كبير كثير التقصير ، منهمك في اللذات ، غارق في بحار الغفلات ، غير مكترث بالطاعات ، ولا مجد على العبادات ، ولم يزل هذا الوارد معي لا يفارقني ، فالله أسأل أن يجعلني من المقبولين المرضيين غير المطرودين المحرومين ، وأن ينفعني بزيارته صلىاللهعليهوسلم ، ويحشرني تحت لوائه ، آمين.
[العقبة السوداء ، الشربة ، العلم السعدي]
ومررنا في طريقنا على العقبة السوداء ، وعلى الشربة ، والعلم السعدي ، ديار بني عبس ، هكذا قيل والظاهر أنه لا يصح. وهذه المرحلة لا قلعة فيها ، وماؤها من أعذب المياه ، والمسافة ثمانية عشر فرسخا لكنا قطعناها بعشرين ساعة.
[وادي القرى]
وتليها مرحلة وادي القرى (٢) ، وهي بين جبلين ، ذات رمل ، وفيها بئر ماء عذب ، والجملة (١٧٦ أ) تقول بئر القرى ، والأعراب تسميها بئر جبر ، والمسافة خمسة عشر فرسخا بقي منها إلى المدينة المنورة مرحلة واحدة ، ولما سمعتهم يقولون غدا ننزل المدينة زاد خوفي وقلقي واضطرابي وعويلي ، حتى كأني مطالب بثأر ، أو مقدم لقصاص ، فتمثلت بقول القائل :
قالوا غدا نأتي ديار الحمى |
|
وينزل الركب بمغناهم |
وكلّ من كان مطيعا لهم |
|
أصبح مسرورا بلقياهم |
قلت فلي ذنب فما حيلتي |
|
بأي وجه اتلقاهم |
قالوا أليس العفو من شأنهم |
|
لا سيما ممن ترجّاهم |
وقد خمست هذه الأبيات منذ مدة والوجل الأول ازداد وتضاعف حياء من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وخوفا من أن أطرد وأرد ، أعوذ بالله من ذلك ، ولا حول ولا قوة إلا
__________________
(١) سقطت (أن) من أ
(٢) واد بين المدينة والشام ، من أعمال المدينة المنورة (ياقوت : معجم البلدان ج ٥ ص ٣٤٥)