الذمم ، يا رسول الله صلى الله عليك وسلم ، إني قرأت فيما أنزله الله عليك (١٧٩ أ) : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً)(١) فها أنا من ظلم نفسه وجاءك تائبا مستغفرا من ذنبه مستشفعا بك وأنت أجل شافع إلى ربه فلا بد أن تستشفع بمقتضى وعدك الصادق حيث قلت : من زار قبري ، الحديث السابق ، وقد علق الله توبته ورحمته على مجيئنا إليك واستغفارنا واستغفارك لنا ، فها نحن قد جئنا واستغفرنا واستغفرت لنا ، فقد وجد المعلق عليه فلا بد أن يقع المعلق ، والله لا يخلف الميعاد يا رسول الله صلى الله عليك وسلم ، حاشاك أن تطرد من وقف ببابك ومرغ محياه بأعتابك واستجار بك من ذنوبه ، ورجاك لدفع ملماته وخطوبه ، وأنت ملاذ العاصين ، ومعقل الخائفين ، وملاذ المستصرخين ، وكهف المستغيثين ، وثمال (٢) السائلين ، ورحمة للعالمين ، أيضيق بي جاهك العريض أم يعجز قلبك ، وأنت طبيب القلوب ، عن داء هذا المريض ، يا رسول الله صلى الله عليك وسلم إن آحاد الأعراب إذا التجأ بهم الخائف أمنوه ، أو استنجد بهم الصريخ (١٧٩ ب) أغاثوه ونصروه ، وأنت أجل الورى جاها وقدرا ، وأعظمهم غيرة ومروءة وفخرا. يا رسول الله صلى الله عليك وسلم ، قد رويت عنك أن الله تبارك وتعالى قال لك : اشفع تشفع ، وسل تعط ، والله لا يخلف الميعاد ، يا رسول الله صلى الله عليك وسلم ، إني أرجو أن صفات القيامة وأحوالها وعقباتها ، ولا سيما الموقف والصراط والميزان ، يا رسول الله صلى الله عليك وسلم ، مالي وسيلة من الأعمال أقدمها بين يدي إلا حبك ، وقد بلغني عنك أنك قلت : المرء مع من أحب ، يا رسول الله صلى الله عليك وسلم ، قد هجرت لزيارتك الأهل والوطن والولد والسكن ، وتحملت المشاق و (تجرعت غصص) (٣) الفراق ، وقطعت الروابي والوهاد والأغوار والأنجاد من الأماكن الشاسعة
__________________
(١) النساء من الآية ٦٤.
(٢) ثمال القوم : غياثهم الذي يقوم بأمرهم.
(٣) مطموسة في أ.