الشبلي (١) رحمهالله تعالى (٢) :
فردت لوعتي ، وأمنت روعتي ، ورجوت القبول وبلوغ المنى والسّول ، إلا أن تخيل فراقي أضرم أشواقي ، وأسال عبراتي وأجّج زفراتي.
وفيما منّ الله به عليّ زيارة ضجيعي رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أبي بكر الصديق ـ رضياللهعنه ـ وعمر الفاروق ـ رضياللهعنه ـ وكلما زرتهما سألتهما الشفاعة لي عند رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وأن يكونا لي واسطة ووسيلة عنده ، عليه الصلاة والسلام.
ومما منّ الله به علي أني أقرئت أوائل صحيح البخاري في الروضة المطهرة ، عند نبيه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ من غير قصد مني ، وذلك أنه طلب مني الشيخ الشاب سليمان بن عبد الهادي العجلوني ابن أخي الشيخ إسماعيل العجلوني أن أجيزه بما يجوز لي وعنى روايته ، فأجزته ، فالتمس ، ونحن جلوس وقت العشاء الأخيرة ليلة الجمعة السابعة (١٨٢ ب) والعشرين من ذي القعدة الحرام أن يقرأ أوائل الصحيح وأقرر له ما تيسر ، ففعلت ، والحمد لله على ذلك ، ومما اتفق أن الشيخ إسماعيل العجلوني شارح البخاري التمس مني مرارا أن أحضر في درسه في البخاري في الروضة تلك الليلة المتقدمة ، فحضرت ، فشرع في القراءة بعد أن صليت العشاء الأخيرة ، وقرأ حديث (إنّما الأعمال بالنيات) ، فأخذنا معه في المحاورات ، ولم يزل يسألني وأجيبه ، لكن الشيخ مع جلالته ارتج عليه ، وسد عليه طريق التقرير بما يتعلق بالحديث المذكور ، فأخذ يتكلم على الأمور الخارجية وأنا أمهد له طرق التقرير (الذي يقتضيه علمه) (٣) وإنما قرر أشياء تعتني بها صغار
__________________
(١) هو أبو بكر دلف بن جعفر بن يونس الشبلي ، أحد كبار الصوفية والزهاد في عصره ، ولد في سامراء سنة ٢٤٧ وتوفي في بغداد سنة ٣٣٤ ه / ٨٦١ ـ ٩٤٥ م ، ودفن في مقبرة الخيزران (الأعظمية) وقبره ظاهر يزار. ينظر الخطيب : تاريخ بغداد ج ١٤ ص ٣٨٩ وابن الجوزي : المنتظم ج ٦ ص ٣٤٧.
(٢) ليس في ب (تعالى).
(٣) مطموسة في أ.