الطلبة ، كالكلام على البسملة وتقديم الرحمن على الرحيم وما أشبه ذلك ، فلم أعرف أن الشيخ دهش ، أو أن نيته غير سليمة.
ولما شاهد الدمشقيون أن شيخهم يشاورني ويستفهم مني في ذلك الدرس ، عظمت في أعينهم ، فمنذ ذلك شرعوا في توقيري وتعظيمي ، واعتذروا مني حيث لم يوفوا بحقي من الإكرام في بلادهم ، والحمد لله على ذلك. (١٨٣ أ) ومما وقع أني استجزته لي ولأولادي الصلبيين والقلبيين فأبى إلا أن أجيزه فأجاز كل منا الآخر ، وأجاز أولادي صلبا وقلبا ، وطلب مني أن أكتب لهم الإجازة فلم تتهيأ في المدينة المنورة.
واجتمعنا بالشيخ محمد حياة السندي ، وطلبنا منه إسماع حديث الرحمة فأسمعنيه ، وهو أول حديث سمعته منه ، واستجزته لي ولأولادي المذكورين ، فاجازنا ، لكني ندمت على ذلك لأني كنت أسمع من بعض من حج مدحه والثناء عليه علما وعملا ، فلما اجتمعت به رأيته رجلا يحب الدنيا كثيرا ، يأكل بدينه ولا يسأل من أين أتاه المال ، فلا يتورع في شيء ولو من مال المكس كما شاهدت ذلك. وله طريقة يصيد بها الدنيا فإنه يتزيا بزي الزاهدين ويلين الكلام ، والحجاج يأتونه بالهدايا وأكثرها نقود ، فيأخذ ولو من مال المكس ، ويكرم الناس قدر ما يهدونه إليه ، ويجلس في أخريات المسجد في مكان خال من الازدحام ، حتى إنه يعرف ويهدى له ، وله جماعة يثنون عليه ويقبلون يديه إذا رأوا أحدا عنده ، ولهم حصة فيما يأخذه. والحاصل ما أعجبني طريقه ، ولا سمته ، عافانا الله من سوء الأخلاق «١٨٣ ب» ومن النفاق والرياء. وكذلك رأيت علماء مكة فإنهم يحبون الدنيا كثيرا ولا يبالون من أي كان ، حتى الزمزمي والشيبي فلقد رأيتهم يقصدون زيارة أهل الثروة والغنى ولا يسألون عن عالم ولا صالح ، وكذلك أكثر أهل دمشق الشام ، عافانا الله من ذلك بفضله وإحسانه. وزرنا المشاهد (١) التي في البقيع : مشهد سيدنا عثمان ، وسيدنا إبراهيم ابن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وعثمان ابن مظعون ، وفاطمة الزهراء ، وأزواج
__________________
(١) في ب (المشهد).