جامعة على اثنين وثمانين ميلا من مكة ، وكانت تسمى مهيعة فنزل بها بنو عبيد وهم إخوة عاد ، وكان أخرجهم العماليق من يثرب ، فجاءهم سيل جحاف (١) فاحتّفّهم فسميت الجحفة (١٨٩ ب) ، انتهى كلام الفيروزآبادي (٢). وخربت أيضا من الحمي ، حتى قيل : إن الطير إذا مر عليها يحم فارتحل أهلها ، وليست الحمى فيها أصلية وإنما كانت في المدينة أولا فخرجت منها بصورة جارية سوداء وسكنت الجحفة بسبب دعاء النبي صلىاللهعليهوسلم برفعها (٣) ، فسميت المدينة من حينئذ طابة على بعض الأقوال في وجه تسميتها ، ولما كانت الجحفة خرابا اتخذوا رابغا ميقاتا لأنه محاذ لها ، والمسافة أربعة وعشرون فرسخا ، وصادفنا فيها وقت الصبح ريح باردة ، ومن فضل الله ما ضرني.
[المستورة]
ومررنا في طريقنا ، قبيل طلوع الشمس على قبة تسميها الجمالة المستورة (٤) يزعمون أن فيها قبر بنت عنترة بن شداد العبسي ، والصحيح ما أخبرني بعض الثقات أنه قبر ولي من أولياء الله تعالى يقال له المهدلي.
[خليص]
وتليها مرحلة خليص ، كزبير. وهو حصن بين قديد وعسفان (٥) فيه عين ماء (٦) وعليها
__________________
(١) الجحاف : الجارف.
(٢) القاموس المحيط ج ٣ ص ١١٨.
(٣) ينظر ياقوت : معجم البلدان ج ٢ ص ١١١.
(٤) وصفه محمد كبريت المدني بأنه واد كثير الرمل ، وماؤه من حفائر يحلو مع المطر ، ويهمج مع المحل وعليه قرية لطيفة (رحلة ص ٢٤٢).
(٥) قديد : واد فيه آبار ومزارع وقرية لطيفة. وعسفان ، قرية جامعة ، على نحو ميلين من مكة ، بها آبار وبرك وعين تعرف بالعولاء ، ينقل ماؤها إلى مكة للتبرك به. محمد كبريت (رحلة ص ٢٤٣).
(٦) وصفها محمد كبيرت بأنها غزيرة الماء ، عليها نخل كثير ، وبركة متسعة جدا ، وإذا احتاجت العين إلى العمارة جاء المصرف إليها من حاصل جدة. وقد عفى رسم هذه العين لتغافل الدولة عنها ، وعسى أن يعود الماء إلى مجاريه (رحلة ٢٤٣).