الصمة بأمر من النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في منصرفه من بدر (١) ، سميت بذلك لأن حجارة جبلها المطل عليها صفراء (٢) ، وعلى الخرما والعالية والفارعة ، وهذه كلها متصلة ، وفي كل منها نخل كثير ، وبدر إما اسم العين ، أو الجبل على الخلاف المشهور ، وأهلها الآن شيعة.
وكان عادة الركب الارتحال منها ثلث الليل الأخير ، فأخذ الطلق زوجة السيد طالب الرفاعي نسبا وطريقة ، فالتمس من أمير (١٨٩ أ) الحاج أن يتمهل إلى طلوع الفجر ، فأجابه لذلك ، ففرج الله عنها قبل الفجر وأتت بذكر فسمي ببدر الدين ، وهذه الامرأة من الأنصار من بني النجار. وهبت علينا وقت الارتحال ريح شديدة عاصفة باردة ، فلبس أكثر المحرمين.
[القاع]
وبينهما مرحلة القاع ، وهي عبارة عن بر أفيح واسع لا باب فيه والمسافة عشرة فراسخ.
[رابغ]
وتليها مرحلة رابغ بألف فباء موحدة مكسورة وآخر الحروف غين معجمة ، وهو واد بين الحرمين قرب البحر ، ويرى منه ماء البحر كما شاهدته ، وفيه قرية صغيرة ذات نخيل (٣) ، وأكلنا فيها البطيخ الأخضر والفصل كانون الأول. ورابغ هذه هي الآن ميقات أهل الشام عند الحنفية سواء مروا على المدينة أم لا ، بخلاف الشافعية فإنها ميقات للشامي إذا لم يمر بالمدينة وإلا فميقاته ذو الحليفة.
وليس رابغ هو الميقات الأصلي بل الميقات الأصلي الجحفة بضم الجيم ، وهي قرية كانت
__________________
(١) والذي في ابن هشام (السيرة ج ٤ ص ٨٤) أن الذي قتل دريد هو ربيعة بن رفيع السلمي إثر معركة حنين ، وقيل : إنه عبد الله بن قنيع بن أهبان بن ثعلبة بن ربيعة.
(٢) قال ياقوت إنه واد كثير النخل والزرع والخير في طريق الحاج ، وسلكه رسول الله صلىاللهعليهوسلم غير مرة ، وبينه وبين بدر مرحلة : (معجم البلدان ج ٣ ص ٤١٢).
(٣) قال ياقوت : رابغ .. واد يقطعه الحاج بين البزواء والجحفة دون عزور ، ونقل عن ابن السكيت انه بين الجحفة وودان (معجم البلدان ج ٣ ص ١١) ووصفها محمد كبريت بقوله واد من الجحفة ، واسمه القديم رابوغ ، وهو ميقات أهل الشام ، وماؤه من الحفائر ، وعليه مزارع ، وهي على الساحل بحيث يؤتى إليها بالسمك الطري في الغالب ، وهي كثيرة الغبار (رحلة ص ٢٤٢).