الهند أو قطر الحبشة ، وما دمت هنا فلا أمكن أحدا من ذلك ، كيف وهذا أمر من لدن سيدنا رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ما صدر ولا جرى ، أيجري في زماني؟ كلا والله لا يكون ذلك أبدا ، فأما أن أقاتل حتى أقتل ، وان لم اجد لي ناصرا أهاجر إلى أحد (١) الأقطار المذكورة ، وللبيت رب يحميه ، أو ظننت أن الشرفاء ملقون يحبون الدنيا فأردت أن ترغبهم بالأموال؟ والله لو جرى من نحو العجم نهر من الذهب لأمرت العرب أن تسده بالأحجار وقتل (٢) من يصل إلى الحجاز أيها (١٩٥ أ) الرجل ، إنما كان طاعتنا لآل عثمان لكونهم غزاة مجاهدين ، يمدون الحرمين ومذهبهم مذهبنا فلأجل هذه الأمور دخلنا تحت طاعتهم ، فكيف أطيع العجم ولا سبق لأحد من أسلافي الإطاعة والانقياد لهم ، فقل لي ما الذي جرأك وحملك على هذا وبأي وسيلة توسلت بها وأي مستند استندت إليه حتى تجرأت على ما ذكرت؟ فذكر لي أعذارا باردة واهية مفتراة محض كذب ، فكذبته وأقمت الدليل على كذبه ، ثم إني عرضت جميع أحواله على الدولة العثمانية ، فجاء المرسوم الشريف بالقبض عليه وعلى المنلا حمزة الأفغاني وعلى ميرزا (٣) أبي الفضل ، أما الملا حمزة فقد حج العام الأول وذهب ولم ينطق بشيء ، وأما ميرزا أبو الفضل فقد تمرض في بعض قرى نجد وهو في هذه المدة محبوس عندي وحملته لأمير الحاج أسعد باشا ، لأن في المرسوم أنه يحبس في قلعة دمشق.
ثم إن الشريف خلع علي خلعة فاخرة من الأصواف الأنقروية ، وأنا أيضا كذبت نصر الله فيما اعتذر به ، وقلت : يا ابن رسول الله! ورب هذا البيت إن هذا لكاذب فيما قال (٤) وإنما مراده ذلك ليخلص نفسه. ثم إن الشريف اثنى على الوزير (١٩٥ ب) أحمد باشا ودعا له كثيرا ، وكتب له كتابا أثنى به عليه ، وقال : والله إني أحبه لما أسمع من مكارم أخلاقه
__________________
(١) لا توجد (أحد) في ب.
(٢) في ب (قبل).
(٣) في ب (الميرزا).
(٤) في ب سقطت (قال).