وجعله الله منصورا على أعدائه ، ثم إنا وادعنا الشريف وطفنا طواف الوداع ولحقنا بالحاج في وادي فاطمة. وهذا السيد نصر الله أتى به إلى دمشق وحبس بالقلعة ، ثم طلب من الدولة ، فأرسله أسعد باشا ولم أدر ما يفعل به ، عامله الله بما يليق به.
وقد طلب مني الشيخ سليمان ابن أخي الشيخ إسماعيل العجلوني كتابة صورة الإجازة له ولعمه ، فكتبت لهما ذلك الليلة الثامنة عشرة من ذي الحجة في مكة المكرمة ، وتكاسلت عن نقلها هنا لأني مللت من طول الأسفار وبعد الشقة.
وقد جاءني يوم عرفة بعرفة كتاب من الأكرم والأمجد كتخدا باشا محمد أرسله من مدينة السلام بغداد ، وصورته : سلام لا تحصيه الأرقام ، ولا تحويه ألسنة الأنام ، سلام لا تضاهيه الحميا إذا أدار أكوابها جميل المحيا ، سلام محفوف الأشواق الباهرة مزفوف بالوجوه المتكاثرة ، وتحيات صافيات وتسليمات ضافيات تبلغ بلوغ الهدي الواجب (١٩٦ أ) إلى أهله ، وترد ورود المفارق إلى أهله ، إلى العالم الفاضل ، والجهبذ الفاصل بين الحق والباطل ، أحد العلماء الأعلام ، وسند النحارير العظام
علامة العلماء ، واللج الذي لا ينتهي ، ولكل لج ساحل
وبعد ، فلك السؤدد والافتخار بوفودك على هاتيك الديار ، فتهنّ بزيارة قبر (١) ، ومجاورة سيد ساد الأنبياء بالتشريف القدسي :
فاق النبيين في خلق وفي خلق |
|
ولم يدانوه في علم ولا كرم (٢) |
ولك البشارة أيضا بزيارتك بيتا عتقت عنده الرقاب من النار ، ورؤيتك مقاما غلقت لدى بابه أموال الأخيار ، والحمد لله على وصولكم بالسلامة بلا نصب ولا سآمة ، وقد أتتنا منكم كتب عديدة وأسانيد مفيدة ، فاسترينا غاية السرور ، وحصل عندنا جملة الحبور ، كيف وقد تضمنت من سلامتك ما يدهش الخاطر ، ويؤنس الحاضر ، والحمد لله نحن في
__________________
(١) هنا عبارة غلو ظاهر حذفناها.
(٢) البيت للبوصيري (الديوان ص ١٤١).