عافية غير عافية (١) ونعمة من الله صافية ، نسألك الدعاء في تلك الأماكن ، وتبليغ السلام إلى سيد القاطن ، وأشرف الظاعن ، مولانا الشفيع ، (١٩٦ ب) ومحرزنا المنيع ـ عليه الصلاة والسلام ، وعلى آله وصبحه الأعلام ـ إلى آخر كتابه.
وجاءني من بغداد ، من ولدي القلبي حسين بك ابن كتخدا محمد باشا ، وصورته :
والشوق أعظم أن يحيط بوصفه |
|
قلم وأن يطوى عليه كتاب |
والله ما أنا منصف إن كان لي |
|
عيش يطيب وجيرتي غياب |
كتابي هذا أطال الله بقاء سيدي الكبير ، والفاضل النحرير ، محرر أصول الدين ، ومبين الفروع للمسلمين ، الجامع بين المعقول والمنقول ، والمؤلف بين الفروع والأصول ، من اكتسب منه ابن مالك تلك الملكة العربية ، وأقر له ابن عصفور على أن ليست له حوصلة على جمع أبرز الفنون الأدبية ، الداعي ابن الأثير دونه في الأثر ، والممارس الخبير فمسلم مسلّم له صحة الخبر ، المعترف له ابن كثير (٢) بقلة الجمع ، والفخر حينئذ قال لمعقوله :
ما أنت وأدلة الجمع؟ فصح لو رآه المتنبي لترك سفاسف قرآنه ، وعدل عن مدعاه واعتد بشأنه ، ولو رآه سحبان (٣) لسحب أذيال الخجل ومال عن دعواه الفصاحة وعدل. (١٩٧ أ) أما بعد ، فالأشواق إليكم تتزايد ، والزفرات مد الأوقات تتصاعد ، على أن الشيء يذكر بمثله ، والفضل لا يخشى عند ذكر فضله ، وكلما رأيت المتسمين بالعلم وإن لم يكونوا قطرة في بحرك ، ولو يأتوا بسبجة (٤) فضلا عن درة من درك هاجت أشجاني ، وزادت أحزاني ، نسأل الله أن يطوي شقة البين ، ويكحل بأثمد الاجتماع منا العين ، إنه بذلك قمين ، وعليه
__________________
(١) أي غير زائلة.
(٢) إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي ، من آثاره (البداية والنهاية في التاريخ) و (تفسير القرآن الكريم) ، توفي سنة ٧٧٤ ه.
(٣) تقدم التعريف به.
(٤) السبجة : الخرزة السوداء.