الهاشمية ، وغصن الشجرة العلوية الفاطمية ، فأي عالم بخلافتي لا يفتي ، وأنا أبو الجمال ، حسن الحرستي ثم اقتفاه آخر بعيون مراض تشق القلوب أهدابها ، ويصدع الأفئدة وعيدها وإرهابها ، وحواجب مقوسة مقرونة بها جميع الناس ، حزمة (١) مفتونة. وقال : أنا ذو الجفن الكاسر ، والناهي الآمر ، إذا غضبت سلبت الألباب ، وإن لحظت أذهلت الحازم عن الصواب ، تصيب حاجباي بلا وتر ، وتقتل عيناي بلا وزر ، فأنا الملقب بسلطان الهند ، وليّ الأمر من قبل ومن بعد ، فأنا الأحق بالخلافة على الصواب ، كيف وجدّي أنا عمر بن الخطاب ، فأنا الحامد الشاكر ، وتم بأبي سعدي فأكرم بذي المفاخر ، ثم عقبه يميس بقدر طيب ، وردف ثقيل قضيب ، بعيون نعسانة ، (٢١٥ ب) وجفون فتانة ، وأعطاف تكاد تنفصل من اللين ، وثغر حوى الدر الثمين ، وقال : أنا سلطان الملاح ، وأنا الحاكم عليهم ولا جناح ، فمن في هذا الميدان يجاريني ، وأنا الغصن الميّال عبد الرحمن المنيني ، فبينما هم في ميادين المجادلة وعكاظ المساجلة والمناضلة ، إذ أبصرتهم يتطلعون ، وأبصرتهم يستريحون ، فأفرجوا فرجة في البين ، واصطفوا في الحال صفين ، [و] لزموا الأدب مطرقين ، ونكسوا أعناقهم خاضعين ، وإذا بقائل يقول : يا جميل الستر سترك ، تعس من كفر بالله وأشرك ، والخطيب ختم خطبته الفاخرة بقوله : لبيك ، إن العيش عيش الآخرة ، سبحانك ما خلقت هذا عبثا باطلا ، ما هذا بشر ، إن هذا إلا ملك كريم ليس عن حكمة عاطلا ، والتفتّ فإذا بظبي غرير ، وبدر منير ، وغصن ميال يهتز اهتزاز العسال (٢) ، يصيد بلحظه الأسود ، ويحرق العشاق بجمرات الخدود ، بوجنة تدميها خطرات النسيم ، وجفن بموسى لحظه كل قلب كليم ، وجبين (٢١٦ أ) أبلج ، وثغر أفلج ، ومبسم حوى الدرر ، وخدّ زهر فيه ورد الخفر ، وهو يتمايل تمايل القضيب ، ويترنح ترنح البان فوق كثيب. وقال : الحمد لله الذي زين الثغور ، بالدرر ، وحسّن الخدود بجلنار الخفر ، وجمّل العين بالكحل ، وأصمى القلوب بسهام المقل ، وأطلع
__________________
(١) حزم : شد.
(٢) العسال : الرمح ، اضطرب واشتد اهتزازه.