عمي رغيفا من الخبز وأذهب إلى المرجانية إلى ثاني يوم أفعل مثل الأوّل ، وكان العشاء (١) عادة يؤكل بعد المغرب ، فلذلك ما أكلت لحما هذه المدة. وكان [في] هذا الرغيف بركة كثيرة ، فكنت أنا والشيخ حسين الراوي والشيخ محمد العاني (٢) والشيخ أحمد الآلوسي (٣) نأكل منه وتبقى منه لقيمات. وكذلك أيام كنت بالمدرسة الأصفهانية المسماة اليوم بالمدرسة الأحسائية ، (٤) وهي على شاطىء دجلة الشرقي ، على يسار محكمة القاضي ، (٥)
__________________
(١) من هنا إلى آخر الصفحة مطموس أو غير واضح في أفأكملناها من ب.
(٢) هو محمد بن محمود العاني أصلا والبغدادي ، وقفنا على نسخة من حاشية القليوبي على شرح خالد الأزهري على الأجرومية في المكتبة القادرية العامة ببغداد كتب بعضا منها بخطه (كتابنا : الآثار الخطية في المكتبة القادرية ج ٣ ص ٢٧٠).
(٣) لم نقف له على ترجمة ، وهو سابق على أول من عرف من الأسرة الآلوسية الشهيرة ، بالعلم في بغداد ، وهو السيد عبد الله صلاح الدين المتوفّى سنة ١٢٤٦ ه / ١٨٣٠ م ، (محمد بهجة الأثري : أعلام العراق ، القاهرة ١٣٤٥ ص ١١) فلعله واحد من أسلافها الذين سكتت المصادر عن الترجمة لهم.
(٤) إشارة المؤلف إلى أن المدرسة الأحسائية كانت تعرف سابقا بالأصفهانية مما انفرد به في هذا الكتاب ، ومن ثم فلا نعلم سبب هذه النسبة ، وقد درّس فيها الشيخ أحمد محمد بن الأحسائي ، وهو عالم مؤلف ، ودفن فيها سنة ١٠٨٣ ه / ١٦٧٢ م ، فنسبت إليه ، وربما عرفت بجامع الأحسائي أيضا ، ولبثت كذلك حتى أقام فيه الشيخ خالد النقشبندي ، مجدد الطريقة النقشبندية في العراق والعالم الإسلامي (المتوفّى سنة ١٢٤٢ ه / ١٨٢٧ م) عند عودته من الهند سنة ١٢٣١ ه ١٨١٥ م ، فكان أن عمرها له والي بغداد يومذاك الوزير داود باشا ، وقف عليها الأوقاف سنة ١٢٤٠ ه فعرفت بالتكية الخالدية نسبة إليه. وممن جدد بناءها والي بغداد محمد نجيب باشا سنة ١٢٦٣ ه / ١٨٤٦ (الآلوسي : مساجد ص ٢٧) ولما تزل هذه التكية قائمة إلى اليوم ، إلا أنها تدعى (جامع التكية الخالدية) فقد انقطعت عنها حفلات الذكر وحلقاته ، لتتخذ مصلى لأبناء المحلات المجاورة. وتقع على شاطىء دجلة ، في الجانب الشرقي ، وينفذ إليها بزقاق ضيق متفرع من شارع النهر (شارع المستنصر).
(٥) هي المحكمة الوحيدة في بغداد عهد ذاك ، وعرفت ـ بعد إنشاء غيرها من المحاكم المتخصصة ـ بالمحكمة الشرعية ، وقد أشار إليها الرحالة التركي أوليا جلبي (أوليا جلبي سياحتنامه س ج ٤ ص ١٢٠) في أثناء مروره ببغداد في منتصف القرن الحادي عشر للهجرة ، كما أشير إليها أيضا في وقفية حسين أفندي بن عبد الله الغرابي المؤرخة في سنة ١٠٩٨ ه / ١٦٨٦ م (كتابنا : معالم بغداد ص ٣١٧) ثم جددت عمارتها على نحو شامل السيدة عادلة خاتون بنت الوزير أحمد باشا (المتوفاة سنة ١١٨٢ ه / ١٧٦٨ م) ولما تداعى بنياتها نقضته وزارة العدلية (العدل) وشيدت على أرضها بناية جديدة سنة ١٩٣٤ م ، وتعرف بمحكمة الأحوال الشخصية في الرصافة.