بالسعرات الحرارية التي ينبغي ان نتناولها كما تناولها اجدادنا من قبل بشكل طبيعي بعيد عن تدخل الانسان ، تصفّى وتنظّف تدريجيا من الالياف النباتية ، بحيث اصبح غذاؤنا الرئيسي خبزاً ابيض لا يبني اجسامنا بالشكل الطبيعي الذي بناه الخبز الاسمر الحاوي على كل الالياف النباتية. وجلَب السكر المطحون الذي اصبح جزءا رئيسيا من حياتنا الغذائية ظاهرة تسوس الاسنان ، بحيث قيل ان اجدادنا لم يكونوا يعرفوا شيئا اسمه تنخر الانسان ، بل كانت اسنانهم تواصل عملها بسلامة ولحد الموت بسبب تناولهم طعاما طبيعيا لا يحوي سكراً مطحوناً اولاً ، وبسبب استعمالهم المسواك ثانياً. ولا شك ان هذا الطعام المصنّع الذي عرضته الحضارة الغربية الحاوي على كمية كبيرة من السكريات ، كمية قليلة من الالياف ، وكمية اكبر من الدهنيات الحيوانية هو احد اسباب امراض القلب تصلب الشرايين الحديثة العهد بالانسان.
ان هذا العرض المختصر حول الامراض التي يواجهها الانسان المعاصر تجعلنا ارسخ ايمانا بان النظرية الصحية التي جاء بها الاسلام فيما يتعلق بالنظامين الوقائي والغذائي هي اسلم الطرق لحفظ صحة الافراد في النظام الاجتماعي ؛ ولذلك فاننا لا نملك خياراً آخر غير الخيار الاسلامي اذا حاولنا صياغة سياسه طبية للدولة الاسلامية.
وقد بحثنا في هذا الكتاب مقدمات السياسة الطبية الاسلامية. فقد تطرقنا في القسم الاول من الكتاب الى عرض ونقد آراء النظرية الرأسمالية فيما يتعلق بالصحة والمرض السياسة الطبية بمدارسها الفكرية الموسومة بالمدرسة التوفيقية ، ومدرسة الصراع الاجتماعي ، والمدرسة الامريكية التي