سبباً » (١). فالمدار اذن ، ان تذكيته هو « اثبات اليد عليه على ان لا يموت في الماء فهو كحيازة المباح الذي هو بمعنى الصيد الموافق له » (٢).
* * *
ولا يستطيع الفرد ، مهما اوتي من قوة على التحليل ، ادراك حجم المنافع الصحية للتذكية الشرعية والزعم بانه وصل الكمال في فهم ابعادها ، لان الاصل في التكليف هو التعبد بالنصوص اولاً ، ولان مهمة الفقهاء في الاصل استنباط الاحكام الشرعية دون تحليلها ، ثانياً. ولكن العقل يحكم بان دقة هذه الاحكام في الصيد والذباحة والنحر والاخراج من الماء لها نتائج على المستوى الصحي العام لكل الافراد. ومن نافلة القول ان نذكر ، ان اخطر ما يواجه النظام الطبي اليوم من مشاكل صحية هي مشكلة اللحوم وما يتبعها من تذكية وحفظ وطهي. فهي مصدر الكثير من الامراض المنتشرة في العالم المتحضر كامراض القلب والدورة الدموية والجهاز الهضمي والبولي. ولا شك ان استبدال الاجهزة الحديثة في التبريد لحفظ اللحوم عن الطريقة القديمة السابقة التي كانت تستعمل التوابل ، لم يساعد على تقليل عدد الامراض التي تنتشر عادة عن طريق تناول اللحوم ، بل غيّر نوعها وشدتها فقط. فبدل تعرض الفرد للتسمم بتناوله لحماً متفسخاً ، بالطريقة القديمة ، اصبح نفس الفرد يتعرض لامراض القلب وتصلب الشرايين جراء تناوله لحماً محفوظاً في الاجهزة الحديثة.
وليس لدينا ادنى شك من ان مشكلة اللحوم ستبقى اخطر المشاكل التي يواجهها النظام الطبي في تعامله مع اسباب نشوء المرض ، لان
__________________
(١) ايضاح الفوائد : ج ٤ ص ١٤٠.
(٢) الجواهر : ج ٣٦ ص ١٦٥.