فقال : صدق ، هيه ، يا أبا خبيب ، قال : إلى هاهنا انتهى بي ، قال : فدعا معاوية بثلاثين عبدا على عنق كل واحد منهم بدرة ، فمرّوا بين يدي ابن الزبير حتى انتهوا إلى داره.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع ، أنا أبو عمرو بن مندة ، أنا الحسن بن محمّد بن يوسف ، أنا أحمد بن محمّد بن عمر ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، أخبرني أبو زيد النّميري ، نا أبو عاصم النبيل ، نا جويرية بن أسماء ، قال :
حج معاوية ، فتلقاه الناس ، ولم يتلقه ابن الزبير ، وبعث مولى له فقال : اذهب فانظر ما يقول لك معاوية ، فأتاه ، فلما رآه معاوية قال : أين ابن الزبير؟ قال : يا أمير المؤمنين ، إنه كان وكان يعذره ، قال : لا والله ، ولكن ما في نفسه ، فلما كان بمنى مرّ به ابن الزبير وقد حلق معاوية رأسه ، فقال : يا أمير المؤمنين ما أكثر جحرة رأسك ، قال : اتّق لا تخرج عليك حيّة من بعض هذه الجحرة فتقتلك ، فلما أفاض من منى لم يدخل عليه ، فلما أراد (١) معاوية أن يطوف قام إليه ابن الزبير ، فأخذ بيده فطاف معه حتى فرغ من طوافه ، فقال له : يا أمير المؤمنين إنّي أريد أن تنطلق معي ، فتنظر إلى بنائي ، فانطلق معه إلى قعيقعان (٢) فنظر إلى بنائه ودوره ثم رجع معه حتى إذا كان بالباب قال : يا أمير المؤمنين ، قالوا : جاء معه أمير المؤمنين فنظر إلى بنائه ودوره ففعل ما ذا؟ لا والله لا أدعك حتى تعطيني مائة ألف ، فأعطاه ، فجاءه مروان فقال : والله ما رأيت مثلك ، جاءك رجل قد سمّى بيت مال الديوان ، وبيت الخلافة ، وبيت كذا وبيت كذا ، فأعطيته مائة ألف ، قال : ويلك ، فكيف أصنع بابن الزبير؟.
قال وأنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، أخبرني عمر بن بكير ، عن علي بن مجاهد [عن هشام](٣) بن عروة قال : سأل عبد الله بن الزبير معاوية شيئا فمنعه ، فقال : والله ما أجهل أن ألزم هذه البنية فلا أشتم لك عرضا ، ولا أقصب (٤) لك حسبا ، ولكن أسدل
__________________
(١) عن هامش الأصل وبجانبها كلمة صح.
(٢) جبل بمكة (انظر معجم البلدان).
(٣) ما بين معكوفتين أضيف عن المطبوعة. والخبر في مختصر ابن منظور ١٢ / ١٨٧ من طريق (مجاهد بن عروة) وصوبه محققه «هشام بن عروة».
(٤) عن مختصر ابن منظور وبالأصل وم : «أنصب».