عمامتي بين يدي ذراعا ومن خلفي ذراعا في طريق أهل الشام ، وأذكر سيرة أبي بكر وعمر ، فيقول الناس : من هذا؟ فيقولون : ابن حواريّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم وابن الصّدّيق ، فقال معاوية : حسبك بهذا شرا ، ثم قال : هات حوائجك.
قال وأنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، أخبرني عمر بن بكير ، عن عبد الله بن المبارك ، عن هشام بن عروة.
أن مروان بن الحكم نازع ابن الزبير ، فكان هوى معاوية مع مروان ، فقال ابن الزبير : يا أمير المؤمنين إنّ لك حقا وطاعة ، فأطع الذي يطعك ، فإنه لا طاعة لك علينا إلّا في حقّ الله عزوجل ، ولا تطرق إطراق الأفعوان في أصول السّخبر (١) ، فإنه أقرّ صامت.
قال أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، وأبو منصور بن العطار ، قالا : أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أبو محمّد عبيد الله بن عبد الرّحمن السكري ، نا زكريا بن يحيى المنقري ، نا الأصمعي ، نا غسان بن مضر ، عن سعيد بن يزيد قال : دخل عبد الله بن الزبير على معاوية وعنده ابن له ، فأمره فلطم ابن الزبير لطمة دوّخ منها رأسه ، فلما أفاق قال له : ادن مني ، فدنا منه ، فقال له : الطم معاوية ، قال : لا أفعل ، قال : فلم؟ قال : لأنه أبي ، قال : فرفع عبد الله يده فلطمه لطمة دار الصبي على البساط كما تدور الدوامة ، فقال له معاوية : تفعل هذا بغلام لم تجب عليه الأحكام ، قال : رأيته قد عرف ما ينفعه ممّا يضره فأحببت أن أحسّن أدبه.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن محمّد بن علي ، أنا أبو بكر محمّد بن علي بن محمّد ، أنا أحمد بن عبد الله بن الخضر ، أنا أحمد بن أبي طالب الكاتب ، حدّثني أبي علي بن محمّد ، حدّثني محمّد بن مروان بن عمر ، أخبرني جعفر ـ وهو ابن أحمد بن معدان ـ نا الحسن ـ وهو ابن جهور ـ نا أبو الحسن المدائني ، نا عبد الله بن أبي بكر ، قال :
قدم معاوية المدينة ، فأقام بها ، فأكثر الناس وعرضوا له يسألونه ، فقال يوما لبعض غلمانه : أسرج لي بغلتي إذا قامت صلاة العصر ، فأسرج له (٢) البغلة ، فلما صلّى العصر
__________________
(١) السخبر : شجر يشبه الإذخر (القاموس) تألفه الحيات فتسكن في أصوله (اللسان).
(٢) عن م وبالأصل : لي.