من النساء بحسن زيّ وشكل ، يتنبه بها الباه (٤٨٠) ، وتتلّ الجباه ، وتوجد للأزواج الأشباه ، إلى وفور النشب وكثرة الخشب ، ووجود الرقيق وطيب الدقيق ، وإمكان الإدام ، وتعدد الخدام ، وعمران المساجد والجوامع وإدامة ذكر الله في المآذن والصوامع.
وأما مدينة الملك (٤٨١) فبيضاء كالصباح ، أفق للغرر الصباح ، يحتقر لإيوانها إيوان كسرى ، وترجع العين حسرى ، ومقاعد الحرس ، وملاعب الليث المفترس ، ومنابت الدوح المغترس ، ومدرس من درّس أو درس ، ومجالس الحكم الفصل وسقائف الترس والنصل ، وأهداف الناشبة أولى الخصل ، وأوا وين الكتاب ، وخزائن محمولات الأقتاب ، وكراسي الحجّاب ، وعنصر الأمر العجاب. إلى الناعورة (٤٨٢) التي مثلت من الفلك الدوّار مثالا ، وأوحى الماء إلى كل سماء منها أمرها فأبدت امتثالا ، ومجّت العذب البرود سلسالا ، وألفت أكوابها الترفّه والترف فإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى.
وقوراء من قوس الغمام ابتغوا لها مثالا أداروها عليه بلا شكّ
فبين الثريا والثرى سد جرمها |
|
وللفلك الدوّار قد أصبحت تحكي |
تصوغ لجين النهر في الروض دائما |
|
دراهم نور قد خلصن من السبك |
وترسل من شهبانها ذا ذؤابة |
|
فتنفي استراق السمع من حوزة الملك |
تذكرت العهد الذي اخترعت به |
|
وحنّت فما تنفك ساجعة تبكي |
ثم قال ، إلا أن حرّ هذه المدينة مذيب ، وساكنها ذيب (٤٨٣) ومسالكها
__________________
(٤٨٠) من الطريف أننا نجد في كتاب روض القرطاس المنسوب لابن أبي زرع عبارة تشير إلى أن مياه الجداول التي تخترق مدينة فاس تمتاز بخصائص عجيبة من ضمنها أنها تنبّه شهوة الجماع إذا شربت على الريق ، وتغسل بها الثياب من غير صابون فتبيضها وتكسوها رونقا وبصيصا ورائحة طيبة كما يفعل الصابون. هذا ومن المعروف أن النهر الذي يمر بمدينة فاس متفرّع من نهر سبو. (Sebu) وكان يعرف بوادي فاس ويسمى الآن وادي الجواهر.
انظر (ليفي بروفنسال : نخب تأريخية جامعة لأخبار المغرب الأقصى ص ٢٢ ، باريس ١٩٤٨.
(٤٨١) يقصد فاس الجديدة
(٤٨٢) الناعورة والناعور : آلة لرفع الماء قوامها دولا ب كبير وقواديس مركبة على دائرة ، والجمع نواعير.
(٤٨٣) يقصد ذئب.