السياسيون ، بل عكف على زيارة البلاد المغربية لمشاهدة آثارها ولقاء العلماء والصالحين فيها (٣) ولقد سجّل ابن الخطيب كل ما رأته عيناه ، وسمعته أذناه في جميع هذه الرحلات ، فأعطانا بذلك مادّة خصبة يرجع إليها الفضل الأول في كل ما نعرفه عن حضارة الغرب الإسلامي في تلك الفترة.
ومشاهدات ابن الخطيب التي دوّنها ، نشر بعضها نشرا جزئيا غير كامل بوساطة بعض المستشرقين ، أما البعض الآخر فلم ينشر بعد وهو الذي يعنينا أمره في هذا الكلام. ولكن نظرا لأن المنشور من هذه الرسائل متفرّق في أماكن متعدّدة كما أنه ليس في متناول يد القرّاء والباحثين لندرته وقدمه ، فقد آثرت لتعميم الفائدة وتوحيد الفكرة ، إضافته إلى الرسائل الأخرى غير المنشورة ، مع إبداء الملاحظات والتعليقات والشروح اللازمة ، على ضوء ما استجدّ من أبحاث في الفترة الطويلة التي تلت هذا النشر والتي تقدّر بنحو قرن من الزمان.
ولدينا الآن أربع رسائل كتبها ابن الخطيب في هذا المضمار ، وهي :
١ ـ خطرة الطيف في رحلة الشتاء والصيف.
٢ ـ مفاخرات مالقه وسلا.
٣ ـ معيار الاختبار في ذكر المعاهد والديار.
٤ ـ رحلته التي دوّنها في كتابه نفاضة الجراب في علالة الاغتراب.
وقد راعيت في ترتيب هذه الرحلات ، التسلسل التاريخي والزمني لها بقدر الإمكان.
أما بخصوص الرسالة الأولى وهي المقامة المسمّاة (خطرة الطيف في رحلة الشتاء والصيف) فقد أورد خطأ كل من الغزيري وبروكلمان
__________________
(٣) انظر (المقري : نفح الطيب ج ٥ ص ٢٣٧ ـ ٢٣٨ ، طبعة محي الدين عبد الحميد).