وإني أقتصر الآن على نشر هذا النص فقط حرصا على وحدة الموضوع ، راجيا أن أتمكن في المستقبل من نشر بقيّة النصوص على شكل دراسات تاريخية مستقلة ، إن شاء الله.
أما بخصوص هذه الرحلة ، فتجدر الإشارة هنا إلى أن ابن الخطيب كان يعتبر الكتاب كلّه رحلة بل إنه كان يسميه في بعض الأحيان كتاب الرحلة (٣٧) والواقع أن إطلاق كلمة رحلة على جميع أجزاء الكتاب فيه شيء من المبالغة والتعميم لأن الكتاب ، كما هو واضح من عنوانه (نفاضة الجراب) ، عبارة عن خليط عجيب من النثر والشعر والتاريخ. أما وصف الرحلة في حدّ ذاته فيقع في الواحد وعشرين ورقة الأولى من هذا المخطوط.
ويلاحظ من بداية هذا الوصف أن الرحلة ناقصة غير كاملة. إذ إنه يبدأ ، وبدون مقدّمات ، بالصعود إلى جبل هنتاته ، وهو جبل ناء بمنطقة جبال أطلس. فلا شكّ أن بداية هذه الرحلة تقع في الجزء الأوّل المفقود من هذا الكتاب.
ومهما يكن من شيء ، فالنص الذي لدينا يبدأ كما قلنا بصعود ابن الخطيب إلى جبل هنتاته نسبة إلى قبيلة هنتاته (بكسر الهاء أو فتحها) التي كانت تسكنه ، وهي فرع من قبائل مصموده الضاربة في غرب إقليم أطلس (٣٨).
وفي هذا الجبل يصف ابن الخطيب المكان الذي توفي فيه السلطان المريني أبو الحسن علي ، بعد أن ثار عليه ابنه أبو عنان فارس. كذلك يصف معيشة شيوخ قبيلة هنتاته وأنواع المآكل والمشارب التي قدّموها له ، وهو وصف على جانب كبير من الأهمية.
__________________
(٣٧) ابن الخطيب : الإحاطة لوحة ٣٤٦ (نسخة الاسكوريال)
(٣٨) انظر (J. Leon Africano : Descripcion de Africa P. ٠١, Tetuan ٢٥٩١)