أين الذي الهرمان من بنيانه |
|
ما قومه ما يومه ما المصرع |
تتخلف الآثار عن أصحابها |
|
حينا ويدركها الفناء (١٧٢) فتتبع |
ثم بدّلنا (١٧٣) ذلك الوادي بالعراء ، واستقبلنا أرضا شبيهة بالصحراء ملاعب للريح ، ومنابت للسدر (١٧٤) والشيح ، سحبت بها عين السحاب فضول (١٧٥) الذيل ، وطفف الغمام في الكيل ، وغار النور ، وفار التنّور ، وفاضت السماء ، والتقى الماء ، فالركائب تسبح سبح الأساطيل ، والأرجل تزهق زهوق الأباطيل ، والمبارك تعدي ، والأدلّة لا تهتدي ، واللباس قد غير الطين من شكله ، والإنسان قد رجع من الماء والحمأ (١٧٦) إلى أصله.
وخيّمنا في بيره (١٧٧) ، حرسها الله بالثغر الأقصى ومحل الرباط الذي أجر ساكنه لا يحصى. بلدة عدوّها متعقّب ، وساكنها خائف مترقّب ، مسرحة بعير ومزرعة شعير ، إذا شكرت الوابل ، انبتت حبّها سبع سنابل ، ونجادها بالهشيم قد شابت ، وزروعها قد دعا بها الفصل فما ارتابت ، ونداء وآتوا حقه يوم حصاده أجابت. أرحنا بها يوما صحا فيه الجو من سكرته ، وأفاق من عمرته ، فقيل للنفوس شأنك ودمائك (١٧٨) ويا أرض ابلعي ماءك. وتجلّت عقيلة الشمس معتذرة عن مغيبها مغتنمة غفلة رقيبها.
ورحلنا من الغد وشمل الأنواء غير مجتمع ، والجو قد أنصت كأنه يستمع ، بعد أن تمخض (١٧٩) الرأي (١٨٠) عن زبدته ، واستدعي من الأدلاء من
__________________
(١٧٢) في (ب) البلى
(١٧٣) هذه الكلمة غير واضحة في النسختين ، وكتبها مولر ثم بدا لنا ولعل صحتها كما في المتن
(١٧٤) السدر شجر النبق وجمعها سدور
(١٧٥) كذا في الأصل وقد وردت في (ب) : سحبت علينا السحاب فصول
(١٧٦) الحمأ : الطين الأسود
(١٧٧) بيره ، Vera ، بلدة حصينة مرتفعه ، تشرف على ساحل البحر الأبيض المتوسط عند الحدود الشمالية الشرقية لمملكة غرناطه ، ومن المراسلات المتبادلة بين بعض ملوك غرناطة وملوك الدول المجاورة ، تفهم أن مدينة بيره كانت تعتبر أقصى حدود المسلمين في تلك المنطقة
(١٧٨) في (ب) وذمائك ، وهي أصح.
(١٧٩) في (ب) وتمحض
(١٨٠) كذا في (ا ، ب) وقرأها مولر الرائب