لأخلاق البداوة ، وعلى وجوههم نضرة وفي أيديهم نداوة ، يداوون بالسّلافة (٣٩١) علل الجلافة ، ويؤثرون علل التخلف على لذّة الخلافة ، فأصبح ربعهم ظرفا قد ملئ ظرفا. فللمجون به بسوق ، وللفسوق ألف سوق ، تشمّر به الأذيال عن سوق ، وهي تبين بعض بيان عن أعيان ، وعلى وجوه نسوانها طلاقة ، وفي ألسنتهن ذلاقة ، ولهنّ بالسفارة عن الفقراء علاقة ، إلا أن جفنها ليس بذي سور يقيه ، مما يتّقيه ، ووغدها يتكلّم بملء فيه ، وحليمها يشقى بالسفيه ومحياها تكمن حيّة الجور فيه.
قلت فأورية (٣٩٢) ، قال بلدة الجبن والعسل ، والهواء الذي يذهب بالكسل ، وأما عن الماء البرود فلا تسل. أدامه الصيد الذي لا يتعذر وقوته الشعير الذي يبذر ، إلا أنه بادي الوحشة والانقطاع ، والإجابة لداعي المخالفة والاهطاع (٣٩٣) ، وحسن الجناب ، عرى من ثمرات النخيل والأعناب حقيق لمعرّة العدو والاجتناب.
قلت فبلّيش (٣٩٤) ، قال ثغر قصيّ ، على الأمن عصيّ ، ويتيم ليس عليه غير العدو وصي. ماؤه معين ، وحوره عين ، وخلوته على النسك وسواه تعين. وبه الحمام ، والنطف الجمام. ولأهله بالصيادة اهتمام ، وعسله إذا اصطفّت العسول إمام. إلا أنها بلدة منقطعة بائنة ، وبأحواز العدو كائنة ، ولحدود لورقة (٣٩٥) فتحها الله مشاهدة معاينه ، وبرّها الزهيد القليل ، يتحف به العليل ، وسبيل الأمن إليها غير سبيل ، ومرعاها لسوء الجوار وبيل.
__________________
(٣٩١) السلافة ما سال قبل العصر وهو أفضل الخمر.
(٣٩٢) أوريةOria بلدة في ولاية المرية تتبع مركزPurchena برشانه.
(٣٩٣) أهطع الرجل أي أسرع خائفا.
(٣٩٤) المقصود هنا بليش الشقراءVelez Rubio بجوار مدينة لورقه ، وليس بليش مالقه Velez Malaga. راجع ما سبق أن قلناه في صفحة (٥٤) حاشية (٤).
(٣٩٥) لورقة (Lorca) مدينة قديمة بينها وبين مرسية نحو ستين كيلومترا ، وتقع على جبل مرتفع ، ولذا كانت تعتبر قلعة مدينة مرسية في الحروب التي تنشب بين المسلمين والمسيحيين. وقد سقطت في يد الإسبان عقب سقوط مدينة مرسيه في منتصف القرن الثالث عشر الميلادي انظر (الروض المعطار ص ١٧١) راجع كذلك ما كتبه عنها ليفي بروفنسال في دائرة المعارف الإسلامية.