وفتنة يعد بها واعد ، وشرور تسل الخناجر ، وفاجر يسطو بفاجر ، وكلف بهاجر واغتمام تبلغ به القلوب الحناجر ، وزمهرير تجمد له المياه في شهر ناجر (٤٠٣). وعلى ذلك فدرّتها أسمع للحالب ، ونشيدها أقرب للطالب ، ومحاسنها أغلب والحكم للغالب.
قلت ففنيانة (٤٠٤) ، قال مدينة ، وللخير خدينة (٤٠٥). ما شئت من ظبي غرير ، وعضب طرير ، وغلة حرير ، وماء نمير ، ودوام للتخزين وتعمير. إلا أن بردها كثير ، وودقها (٤٠٦) نثير ، وشرارها لهم في الخيار تأثير.
قلت فمدينة غرناطة (٤٠٧) ، قال حضرة سنية ، والشمس بها عن مدح المادح غنية. كبرت عن قيل وقال ، وجلت عن وامق (٤٠٨) وقال (٤٠٩) ، وقيدت العقل بعاقل ، وأمنت حال حسنها من انتقال. لو خيرت في حسن الوضع لما زادت وصفا ، ولا أحكمت رصفا ، ولا أخرجت أرضها ريحانا ولا عصفا (٤١٠) ، ولا أخذت بأشتات المذاهب ، وأصناف المواهب جدا ولا قصفا. كرسيّها ظاهر الأشراف ، مطلّ على الأطراف ، وديوانها مكتوب بآيات الأنفال والأعراف ، وهواؤها صاف ، وللأنفاس مصاف. حجبت الجنوب عنها الجبال ، فأمنت الوباء والوبال ، وأصبح ساكنها غير مبال ، وفي جنّة من النبال ، وانفسحت للشمال ، واستوفت الشروط على الكمال ، وانحدر منها مجاج الجليد على الرمال ، وانبسط بين المرج الذي نضرة النعيم لا تفارقه ، ومداري النسيم تفلى بها مفارقه. ريع من واديه بثعبان مبين ، إن لدغ تلول شطه تلها للجبين ، وولد (٤١١) حيات المذانب تأتي عن الشمال واليمين ، منها
__________________
(٤٠٣) الناجر : كل شهر من شهور الصيف ، لأن الإبل تنجر أي تعطش فيه.
(٤٠٤) Finana انظر ما سبق ص ٣٤ حاشية رقم (١٢).
(٤٠٥) الخدن والخدين : الحبيب والصاحب.
(٤٠٦) الودق : المطر
(٤٠٧) Granada راجع ما قلناه سابقا في ص ٣٦ حاشية (٩).
(٤٠٨) الوامق : المحب.
(٤٠٩) القال : الكاره.
(٤١٠) العصف : ورق الزرع.
(٤١١) في الأصل وولدت ، ولد.