وهي دار القرار ، وقصر الاعمار ، واستحلال الغيبة في الأسمار ، واحتقار أولي الفضل والوقار ، والتنافس في العقار ، والشح بالدرهم والدينار ، واليمّ والنار. ثم قال اللهم غفرا ، وإن لم نقل كفرا ، إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ، ولله درّ أبي العتاهية حيث يقول :
أصبحت الدنيا لنا فتنة |
|
والحمد لله على ذالكا |
اجتمع الناس على ذمّها |
|
وما نرى منهم لها تاركا |
قلت فالحمّة (٤١٨) ، قال أجل ، الصحة والحجل (٤١٩) ، والصيد وإن كان المعتبر الأجل ، وتورد الخدود وإن لم يطرقها الخجل ، والحصانة عند الهرب من الرهب ، والبرّ كأنه قطع الذهب. والحامة التي حوضها يفهق بالنعيم ، مبذولة للخامل والزعيم ، تمتّ ثنيّتها بالنسب إلى ثنية النعيم ، قد ملأها الله اعتدالا ، فلا تجد الخلق اعتياضا عنه ولا استبدالا. وأنبط صخرتها الصمّاء عذبا زلالا ، قد اعتزل الكدر اعتزالا ، لكن مزارعها لا ترويها الجداول ولا ينجدها إلا الجود المزاول ، فإن أخصب العام أعيا (٤٢٠) الطعام ، وإن أخلف الإنعام ، هلكت الناس والأنعام. والفواكه يطرف بها الجلب ، وتزر عليها العلب ، وعصيرها (٤٢١) لا يليق بالأكل ولا يصلح للحلب ، وبردها شديد وإن لم يقضّ المنقلب.
__________________
(٤١٨) الحمّة ، Alhama ، وهي بلدة صغيرة على قمّة جبل بالقرب من مدينة بجانه من أعمال المرية.
وقد أطلق العرب عليها اسم الحمّة نسبة إلى العين الحارّة التي تفجرت بها. ويروي الكتّاب المسلمون أن مياه هذه العين كانت كبريتية طيّبة ويقصدها أهل الأسقام والعاهات من جميع النواحي فلا يكاد يخطئهم نفعها (الروض المعطار ص ٣٩) وقد أشار ابن بطوطة إلى وجود حمّامين بجوار هذه العين أحدهما للنساء والآخر للرجال. (رحلة بن بطوطة ج ٢ ، ص ١٨٧) ولا زالت العين والحمّامات العربية موجودة حتى الآن ويقصدها السوّاح من كل جانب.
(٤١٩) الحجل طائر في حجم الحمام يستطاب لحمه ويسمّى الآن في إسبانيا باسم Perdiz.
(٤٢٠) كذا ، ولعلّها أحيا أو أغنى.
(٤٢١) لفظ العصير أطلق في الأندلس على ما عصر من العنب وما أشبهه من الثمرات ، كما أطلق أيضا على التين الرطب. والعبارة هنا تستقيم مع المعنى الثاني كما هو واضح من استعمال كلمة الأكل. انظر (عبد العزيز الأهواني : ألفاظ مغربية من كتاب ابن هشام اللخمي في لحن العامّة ، مجلّة معهد المخطوطات العربية المجلد الثالث الجزء الثاني نوفمبر ١٩٥٧).