إذا المشكلات تصدّين لي |
|
كشفت غوامضها بالنظر |
ولست بإمّعة في الرجال |
|
أسائل هذا وذا ما الخبر |
ولكنّني ذرب (٤٥٠) الأصغرين |
|
أبيّن مع ما مضى وما غبر |
ثم قال هات ، أمن عقدك الشبهات ، قلت ما تقول في بادس (٤٥١) ، قال بدأت بحمدلة الرقعة ، وبركة البقعة ، ومدفن الولّي ، ومظهر النور الجلي والنحر غير العاطل ولا الخلّي من الحلي ، بلد السراوة والشجاعة ، والإيثار على فرض المجاعة ، والنفوس الأوّابة إلى الله الرجّاعة ، حيث البرّ والحوت ، والخشب الذي ينشأ منه كل منحوت ، والبأس والإقدام ، والفاكهة الطيّبة والإدام ، وربّ الجبال ، وفضل للمدافعة لصهب السبال ، إلا أنها موحشة الخارج ، وعرة المعارج ، مجاورة غمارة بالمارد والمارج. فهم ذوو دبيب في مدارج تلك الغرابيب ، وكيدهم ببركة الشيخ في تتبيب.
قلت فمدينة سبتة (٤٥٢) ، قال عروس المجلى ، وثنية الصباح الأجلى ،
__________________
(٤٥٠) ذرب اللسان : فصيح فاحش
(٤٥١) بادس بكسر الدال : ويقال (باديس) ، مدينة بالمغرب الأقصى على ساحل البحر الأبيض المتوسط ، ويقال لها بادس فاس تمييزا لها عن باديس الزاب ، ومكانها الآن عند مدينةVilla Jordana بالمغرب الأقصى. راجع (ياقوت ج ٢ ، ص ٢٩ ، تاج العروس ج ٤ ، ص ١٠٦ ، التعريف بابن خلدون ص ٦٩ حاشية ١)
(٤٥٢) سبته Ceuta ، بفتح السين وسكون الباء ، مدينة ساحلية من مدن المغرب الأقصى. وهي عبارة عن شبه جزيرة في مضيق جبل طارق وتحيط بها الجبال من ناحية الجنوب. وهذا الوضع الجغرافي جعل اتجاهها واتصالها بالأندلس أقوى بكثير من اتصالها بالمغرب الموجودة فيه. ولهذا نجد أن مدينة سبته في العصور الوسطى الإسلامية كانت تمتاز بطابع أندلسي في مظهرها وثقافتها بل في وضعها السياسي أيضا : فالأمويون بالأندلس اتخذوها قاعدة استراتيجية لهم لمقاومة الخطر الفاطمي في القرن العاشر ، وكذلك استولى عليها الحموديون حكّام مالقة أيام ملوك الطوائف في القرن الحادي عشر ، ثم استقلت بها أسرة من أصل أندلسي ببني العزفي في القرن الثالث عشر ، كذلك استولى عليها بعض ملوك بني الأحمر سلاطين غرناطة مدة من الزمان. وأخيرا في القرن الخامس عشر استولى عليها البرتغاليون ثم الإسبان بعد ذلك.
وهناك نص على جانب كبير من الأهمية في وصف مدينة سبتة (في أواخر القرن ١٤ م وأوائل القرن ١٥ م) لرجل معاصر لابن الخطيب وهو محمد بن القاسم بن عبد الملك الأنصاري ، السبتي الدار والنشأة والمولد. وقد عثر على هذا النص المستشرق الفرنسي ليفي بروفنسال ونشره بالعنوان التالي : I E Levi ـ